سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) فالمسموح لنا إنما هو التوسل بالأسباب ، لا والتوكل عليها ، بل هو على الله ف (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ).
فالإتكال ـ الاستقلال ـ على الأسباب إشراك بالله ، والاتكال على الله فيما له أسباب دون توسل بها انعطال لها يخالف أمر الله : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ويخالف تكوين الأسباب في دار الأسباب ، فإنما هو توسل صالح بالأسباب المناسبة المعنية لما تروم متوكلا على الله ، عارفا بأنه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ).
ف «العين حق» (١) وتأثير الحسد حق : (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) شرا بفعله عن حسد ، ام تأثيرا من نفس الحاسد وكما تؤثر العين ، فليست أسباب الشر لتنحصر في أعمال الجوارح ، وتنحسر عن أعمال الجوانح ، بل هي أقوى منها أحيانا ، وكلما كانت الأرواح أقوى في خير أو شر فتأثيراتها كذلك أقوى من خير أو شر ، في تقوى أم طغوى.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ١٨ : ١٧٣ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والعين حق ولو كان شيء يسبق القدر لسبقت العين القدر» وفيه ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعوذ الحسن والحسين فيقول : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ، وفيه روى عبادة بن الصامت قال دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فرأيته معافى فقال : ان جبرئيل (عليه السلام) أتاني فرقاني فقال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال (صلى الله عليه وآله وسلم) فأفقت وفيه روى ان بني جعفر بن أبي طالب كانوا غلمانا بيضا فقالت اسماء يا رسول الله ان العين إليهم سريعة فأسترقي لهم من العين فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لها : نعم وفيه دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيت ام سلمة وعندها صبي يشتكي فقالوا : يا رسول الله أصابته العين فقال : أفلا تسترقون من العين.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان العين حق والعين تستنزل الحالق.