السقاية هي المشربة وطبعا كان لها قيمتها الغالية ، لولاها لم يؤذن مؤذن بما أذّن حيث الرخيص لا أذان فيه عند الملك الذي يرد عليهم بضاعتهم من ذي قبل ، فلتكن ذهبيته مرّصعة أماهيه؟
والرحل هو ما يوضع على البعير للركوب والحمل ، والعير هم القوم الذين معهم أحمال
الميرة أماهيه ، اسما للرحال والجمال الحاملة للأحمال ميرة وغير ميرة ، فليس العير حميرا لذلك ولمكان (لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) خلاف ما يروى ، وكما في التورات.
وهنا جاعل السقاية هو يوسف حيث الضمائر المفردة كلها راجعة إليه ، ولكن المؤذن هو غيره لمكان «مؤذن» دون «أذن» كما «جعل» وليس مؤذن ـ بطبيعة الحال ـ يؤذن في هذه المهمة الفادحة إلّا بأمره الصراح (١) إذا فذلك من أذانه حيث كان بإذنه (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) وحتى إذا لم يكن باذنه فسكوته عن ذلك إذن منه صراح وهو الممكّن في الأرض ، فكيف يترك النهي عن المنكر ، وتقريرات الأنبياء كمقالاتهم وأفعالهم حجة ، فسواء أكان الأذان الإعلام بإذنه الصّراح وهو طبيعة الحال في موقفه العظيم ، أم لم يكن ، بخلاف الحال ، فهو على أية حال مرضي عنده مباح.
لقد كانت حيلة من الصديق حيث يدس صواع الملك في رحل أخيه ،
__________________
(١) المصدر ج ١٣٤ في كتاب علل الشرايع باسناده الى صالح بن سعيد من رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز وجل في يوسف (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال انهم سرقوا يوسف من أبيه الا ترى .. أقول : فقول الله في يوسف أيتها العير ، دليل انه من مقاله لا المؤذن من عند نفسه ، وكذا قول أبي جعفر (عليه السلام) فيما مضى ولقد قال يوسف (أَيَّتُهَا الْعِيرُ ..).