بما علموا كما يدعون وهي بحاجة إلى شهود السرقة ، فلكلّ مشهود به شهادة تخصه ، كما ويندد يعقوب بشهادتهم هذه :
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً ..) سولت أمر السرقة في أخيه حين قلتم فيما شهدتم :
(إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ..) شهادة ذات بعدين بعيدين عن أي علم أم أية حجة شرعية ، فكيف شهدتم أن يوسف سرق من قبل ، ثم كيف شهدتم أن أخاه سرق بمجرد ما وجدتم الصواع في رحله ، وعلّهم جعلوه في رحله ليأخذوه ، فلم تكن هذه الشهادة لا عن شهادة ولا عن علم (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً ..).
هنا علم ، وهناك شهادة ، وهنالك غيب ، فنحن وإن كنا لا نؤمر بالغيب ، فان أمره بيد من يعلم الغيب ، ولكن الشهادة هي عوان بين العلم والغيب ، وأكثرها توافق الغيب ، فالعلم غير المسنود إلى شهادة وحضور في المعلوم المشهود به ، قد يحصل من تسويل نفس ، ممن له نكاية على المشهود ، فيحصل له علم بقرائن غير قطعية ، وحتى إذا كانت بقرائن قطعية فليست كالشهود لدى الجريمة ، فلا حجة فيه على المتهم بجريمته.
وكما أن الشاهد لدى الحاكم ليست له شهادة بعلم إلّا سنادا إلى شهوده وحضوره على شروطه ، كذلك الحاكم نفسه ليس له حكم بعلمه ، إلّا بشهادة صالحة ، وكما هو ثابت بنصوص الكتاب والسنة.