وفي نائبة يوسف واجهتان ، من إخوته خيانة وظلما حسدا من عند أنفسهم ، ففيها (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ ..).
وأخرى تجاه الله وفيها (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ... فَهُوَ كَظِيمٌ ... إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ... اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ ..) وكلتاهما قضية الإيمان ، رحمة ابويّة على أفضل أولاده ، ونقمة على حاسديه ، وثقة وإيمانا بالله ورجاء به (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً).
وقد صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله : «كان له من الأجر أجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة من ليل أو نهار» (١)!
__________________
(١) الدر المنثور : ٤ : ٣١ ـ اخرج ابن جرير عن الحسن عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه سئل ما بلغ وجد يعقوب على ابنه؟ قال : وجد سبعين ثكلى ، قيل : فما كان له من الأجر؟ قال : اجر مائة شهيد ...
وفي نور الثقلين ٢ : ٤٥٢ عن القمي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال له بعض أصحابنا : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال : حزن سبعين ثكلى ، وفيه في الخصال عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال : كان علي بن الحسين (عليه السلام) يصلي في اليوم والليلة الف ركعة ـ الى ان قال ـ ولقد بكى على أبيه الحسين (عليه السلام) عشرين سنة ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى حتى قال له مولى له : يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اما آن لحزنك ان ينقضي؟ فقال له ويحك ان يعقوب النبي (عليه السلام) كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله عنه واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه واحدودب ظهره من الغم وكان ابنه حيا في الدنيا وانا نظرت الى أبي واخي وعمي وسبعة عشر من اهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟.