لهم ، والمرتد عن فطرة لا غفران له إلّا قتلا.
مضت أيام السفرة الراجعة ، ووقعت مفاجأة بعيدة فوق المفاجأة ، وليعلموا أن وعد الله حق وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ، ولقد كان ذلك الريح الذي وجده من روح الله الذي أمرهم برجائه :
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٩٦).
وعلّ البشير هو الكبير بينهم وله سابقة سابغة من بينهم حيث دلهم على (أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) دون أن يلقوه فيه أو يلغوه يذهب هباء ، وأخيرا قال لهم (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) فبطبيعة الحال ينتخبه الصديق لهذه البشارة السارة وكما في رواية.
وهنا نرى يعقوب يقول لهم بديلا عن أي تنديد أو تثريب : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من حياة يوسف ، ووجدان ريحه؟ تنبيها لهم بموقفه من الله فلا ضلال فيه أيا كان وأيان.
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٩٨).
(يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) عيّ في الاستغفار لعظم الذنوب ، وأنها أضرت بحقه ومست من كرامته ، فليكن هو الذي يستغفر لهم بعد ما استغفروا لأنفسهم ، ولأنه نبي مستجاب الدعوة وكما في نبينا : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَ (١) اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤ : ٦٤).
__________________
ـ وفيه عن سليمان بن عبد الله الطلحي قال لابي عبد الله (عليه السلام) ما حال بني يعقوب هل خرجوا من الايمان؟ فقال : نعم قلت : فما تقول في آدم؟ قال : دع آدم.