والساعة ، وهذه الغفلة اللاشعورية غاشية فوق الغاشية : (كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ..) (٢٤ : ٤٠).
هنا غاشية من عذاب الله ، وهناك غاشية : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ. تَصْلى ناراً حامِيَةً. تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ. لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ. لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (٨٨ : ١ ـ ٧) وأين غاشية من غاشية ، وهما من مخلفات غاشية الغفلة المعمدة!
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٠٨).
هنا يؤمر رسول الهدى أن يعرّف بسبيله للعالمين وبكيفية دعوته بشرطها الأصيل له ولمن اتبعه إعلانا صارما صارخا على أسماع العالمين وليكونوا على بصيرة من أمره.
فالسبيل هي الطريقة المنحدرة المعبّدة الهادفة إلى الغاية المقصودة ، ومنها الصراط المستقيم وهو واحد والسبل عدة : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٥٣) وسبيله الوحيدة الوطيدة هي صراطه المستقيم.
ف «هذه» إشارة إلى سبيله الخاصة به وهي صراط الله المستقيم ، إشارة إلى القمة التوحيدية العالية التي لا تساوى ولا تسامى بأية درجة في مدارج العالمين ، وهي مقام قاب قوسين أو أدنى ، التي لا يخالطها أية دركة من دركات الشرك وحتى المرجوحة غير المحرمة ، ف (ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) لا تنفي ـ فقط ـ إشراك العبادة وأضرابه ، بل وكل إشراك ندّد به في الآية السالفة : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فهو ـ إذا ـ التوحيد الخالص ، في القمة الخاصة بأوّل العابدين والموحدين. و «قل» خطابا