متجاورات ، فليكن وراءها تصميمة قاصدة واحدة حيث الاختلاف بذلك النسق المنضد المنظم دليل الإرادة الوحيدة ، غير الكثيرة ولا الوهيدة.
هذه إجمالة جميلة عن هذه الأرض وإلى تفصيلات هي من خلفيات مختلف القطع بطباعها المختلفة : (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) فالأعناب والنخيل يمثّلان كل الأشجار المثمرة لأنهما أهمهما نفعا ، والزرع يشمل كل ما يزرع ، وهذه الثلاث بين (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) مع أن الكل (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) ثم (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) حيث استعمال العقل في مختلف هذه المظاهر على وحدة الأرض والماء دليل التصميم الهادف الوحيد ، لو لا ذلك فلما ذا الاختلاف وهو لا يأتي إلّا عن مختلف ، والماء واحد والأرض واحدة ، والبذر الواحد ياتي بمختلف الأثمار لونا وطعما وحجما!.
و «صنوان» مثنى وجمع ، واحده «صنو» وهو المماثل ، وهو الغصن الخارج عن أصل الشجرة ، فالصنوان هي الأمثال النابتة على أصل مشترك ، وغير صنوان خلافها وهي من أصول عدة ، فمن الصنوان مختلف الأعضاء ، بين خضراء وحمراء وصفراء من شجرة واحدة ، فترى تمرات مختلفة حجما وطعما ولونا في نخلة واحدة ، وعنبات حلوة وحامضة ، بين خضراء وحمراء وصفراء من شجرة واحدة وارض واحدة وماء واحد ، كما نرى متماثلات ومختلفات من أصول عدّة ، فمن هذا الذي يجعلها مختلفة صنوان ، ام متوحدة وغير صنوان إلّا الرحمن ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟
وهكذا تكون الثمرات في أنسال الإنسان (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «يا علي الناس من شجرتين وأنا وأنت يا علي من شجرة واحدة ثم قرء الآية» (١) وقوله (ص)
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٤٤ ـ اخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي وابن مردوية عن