ألا «فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته ووقايعه ومثلاته واتعظوا بمثاوي خدودهم ومصارع جنوبهم».
أو لا تكفي هذه المثلاث التي خلت عبرة لصدق الرسالات ، وليصدقوا أنباءها لعقوبات هنا ، وفي الآخرة أشد وأنكى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ).
ألا فلينظروا إلى مصارع الغابرين حيث استعجلوا العذاب المهين فأصابهم حينا بعد حين وتركهم مثلة يعتبر بها وأمثولة للكافرين ، ثم لينظروا إلى رحمة الله الواسعة كيف يعد عباده على ظلمهم : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) فالناس دون «المؤمنين» و «على ظلمهم» دون «التائبين» يدلاننا على سعة الرحمة المغفرة كأصل بين العباد ، اللهم إلّا للمعاندين المتعنتين ، السائرين في ظلمهم وعتوّهم بكل عناد وعتاد (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ)!
فمن يصر في الظلم ويلجّ ولا يبتغي باب الرحمة ليلج ، مستغنيا عن رحمة الله ، مستعجلا بعذاب الله ف (إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) والباقون هم في رحمة الله بشروط ودون شروط ، ما دامت لا تمس من كرامة عدله.
ثم «ربك» في الرحمة والعذاب ، تلميحة أنهم كانوا مشركين ، لهم ارباب متفرقون ، وأن هذه الرحمة غير محدودة تستقصي كل ما بالإمكان من رحمة رحيمية ، وكما أنزل كل رحماته على هذا الرسول العظيم.
كما وأن عذابه في موقفه العدل لا يحدّ ولا يمنع : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٨٩ : ٢٦).
__________________
ـ المعتزلة فيها انها لا تغفر فقال الرضا (عليه السلام) قال ابو عبد الله (عليه السلام) قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة قال الله جل جلاله (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ ..).