بِالْوَحْيِ) (٢١ : ٤٥) وأما الوحي وآية الوحي فلست منهما في شيء ، فإنهما ـ فقط ـ من الله دون سواه! ثم (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) من رسول كما أنا ، ومن وحي كما القرآن ، ومن آية للوحي كالقرآن وما قبله من آيات معجزات ، ومن سائر ما يدل على رسالة الوحي.
ليس (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) عطفا على «منذر» إذ لم يكن الرسول بشخصه ولا برسالته هاديا لكل قوم ، حيث الأقوام قبله وقبل أقوامه كانت لهم هدات سواه ، ثم الصيغة الصحيحة عن مغزى العطف «إنما أنت منذر وهاد لكل قوم» حتى لا يلتبس المعني بينه وبين سواه ، حيث القرآن بيان في قمته ، ثم لا رباط في هداه (لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) كما لا رباط بخصوص الهداة إليه ، فلتعم كل هدى لكل قوم ، أصلية وفرعية ، رسالة أم آية لها معجزة تدل عليه.
فإنما (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) تسلب عنه سائر المسؤوليات والمسئلات إلّا الإنذار ، فليس آية الوحي بيده كما الوحي ، فإنهما من عند الله ، ثم الله لا يهدي كل الأقوام بنسق واحد وآية واحدة ، بل (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) إلى رسالة الوحي ، «هاد» رسولي ككافة الآيات المعجزة وفقا لمناسبات الزمن وأهله والحاجيات التي يعيشونها ، ووفقا لصبغة الرسالة وصيغتها وصنيعتها ، فالرسالة القرآنية في أجواء الفصاحة والبلاغة تتطلب آية خالدة تمشي مع الزمن هادية في كل الزمن حتى آخر الزمن ، وهي بمتناول الأيدي في كل مكان وزمان ، زمن الرسول وبعده حتى آخر زمن التكليف ، إذا فلا هادي إلى رسالة الوحي الأخير إلّا نفس الوحي الأخير في صيغة التعبير ، وما يحويه من كل صغير وكبير : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ)؟! ، مهما كان نفس الرسول قرآنا كما القرآن وأفضل ، حيث يزيد بيانا وتفسيرا وتعبيرا علميا وتطبيقا (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٩) فهو والقرآن يهديان إلى رسالة وحيه أصالة ، ولكنما الهداية المنفصلة عنه إلى