أفبعد ذلك الحكم العربي الكامل الشامل يبقى مجال لاتباع الأهواء من الذين أوتوا الكتاب أمن سواهم ، مسايرة معهم لكي يوافقوا على القرآن ويصادقوه؟
ويا لذلك التهديد الظاهر الصارم (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) من تحديد لموقف القرآن العظيم ورسوله النبي الكريم ، أنهما خالدان عبر الأعصار والأمصار ، دونما غيار باي عيار ، فلا تسامح (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) في أي تحوير وتغيير ، وحتى لو كان من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولن! حيث الولاية الكافية والوقاية الوافية لا توجدان إلّا في ذلك الحكم العربي لا سواه.
ففي حكم القرآن العربي تجد الولاية المطلقة ، والوقاية المطلقة ، النازلة من منزل الوحي إلى منزله (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) ٣٨.
«ولقد» تحقق ـ في تأكيدين ـ السنة الدائبة الرسالية للرسل كافة أنهم بشر مثلنا فلا يملكون شيئا من غيب الله وحيا وآية رسالية إلا ما أذن الله ، فلييأس الناس المتعنّتين على الرسول أن يأتي بآية كما يشتهون ، حيث الآية الرسالية غيب كما الوحي غيب : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (١٠ : ٢٠) (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦ : ١٠٩) وليست الآيات تتشابه إلّا في مدلولاتها دون صورها وأبعادها ، فلا ينزلها الله إلا في آجالها المكتوبة لها كما تقتضيه الحكمة الرسالية ، ف (لِكُلِّ أَجَلٍ) من آجال الرسالات وسواها «كتاب» مرقوم رقمه الله ، وحيا وآية لرسالته ، كما أن (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا