وهي «علمائها» (١) ودعاتها إلى الحق ، وهنا الأطراف جمع الطرف : الجفن والنظر ، وجمع الطرف : الشيء الكريم ، وهو الذي يطرف اليه وينظر ، وفي ذلك رحمة لهؤلاء الأطراف أن يخرجهم من دار الظالمين إلى جوار رحمته ، وابتلاء للمؤمنين فان في ذهاب العالم ذهاب الرحمة وثلمة في الإسلام لا يسدها شيء.
ولكن اين ذهاب من ذهاب ، فالعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأنفسهم في القلوب موجودة ، والمستكبرون الجهال ذاهبون حال حياتهم فضلا عما بعد ذهابهم (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)
فذهاب علماء الأرض هو من تأويل الآية وتعميمها عن موردها ، وذهاب عملائها من تنزيلها حيث وردت بنظيرتها فيهم ، «فلا تكونن ممن يقول في شيء أنه في شيء واحد».
ففي ذهاب العملاء المستكبرين عبرة للكافرين ، وفي ذهاب علمائها عبرة للمؤمنين ، امتهانا للأولين وامتحانا للآخرين.
كما وأن في ذهاب أرض الكافرين وملكهم نقمة لهم ونعمة للمؤمنين ، وفي ذهاب أرض المؤمنين آية وذكرى لقوم يؤمنون.
فالأرض بمن عليها وما فيها منقسمة إلى صالحة وطالحة ، ونقصها من
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٢٠ في اصول الكافي عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول : انه يسخى نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) وهو ذهاب العلماء ، ومثله في الفقيه وسئل عن قول الله عز وجل : ... فقال : فقد العلماء.