العوان بينهما : الايمان : أو ليس المؤمن برسول إذا هتكه خرج عن الإيمان ، وارتد عن كتلة المؤمنين؟ ونسبة الضلال المبين الى النبيين مهما لم يكن ضلالا في الدين ، هي أسوء
هتك وأنحس مسّ من كرامتهم! بل هو بالمآل ضلالا في الدين ، حيث الدين يحلّق على كافة العقائد والأعمال ، فلم يكن يوسف وأخوه أحب إلى أبيهم منهم إلّا قضية الدين ، والضلال لهم على أية حال خلاف العصمة ، وقد كان يعقوب من المخلصين : (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ. إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (٣٨ : ٤٦) والضلالة غواية على أية حال ، والشيطان (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣٨ : ٨٣)!.
ولكن كل ذلك لا يثبت عليهم الكفر الصراح ، إلّا جهالة في الدين ، ونقصانا في اليقين ، ولئن ارتدوا بذلك ، فقد استغفروا الله بعد كما استغفر لهم يوسف ويعقوب ، والمرتد عن فطرة لا تقبل توبته ، فكيف استغفر لهم كما استغفروا هم أنفسهم ، فلم يكن بذلك الارتداد الكافر ، وإنما عصيان عظيم عظيم على جهالة بشأن النبوة السامية! بزهوة القوة العصبة ودافع الحسادة.
هؤلاء الإخوة العشرة العصبة لم يتحملوا ذلك الحب المتميز ليوسف وأخيه ، وحسبوه ضلالا مبينا في حقل الحب ، دون أي سبب أم سبب بزعمهم مزعوم ليعقوب ، وكما (قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)(٩٥).
لقد نزغ الشيطان بين يوسف وإخوته حيث بزغ في حلومهم استغلالا لذلك الحقد الركين ، حيث على وغلى في مرجله وانتقل من سهله البادي الى معضله حتى تآمروا عليه فيما بينهم لمّا لم يجدوا سبيلا إلى قلب أبيهم تقبّلا منهم فتقلبا إليهم :
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ