أحتسب ، فقالها فجعل الله له من أمره فرجا ومخرجا ورزقه ملك مصر من حيث لا يحتسب ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألفظوا بهؤلاء الكلمات فإنهن دعاء المصطفين الأخيار (١).
فقد نبئ يوسف وهو في الجب على صغره ولما يبلغ الحلم ، ولكنها نبوءة دون حكم وعلم البلاغ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(٢٢) وذلك قبل ان تراوده امرأة العزيز ، وبعد قوله لها (أَكْرِمِي مَثْواهُ) فقد طالت سنون منذ اشترائه وهو طفل قبل الرهاق (٢) إلى بلوغ أشده ولكي يصلح لمراودة جنسية.
هنا نودع يوسف في غيابت الجب في تصارع بين ظلماتها وأهوالها وبين نور الوحي الأمين ، لنرى بماذا يرجع إخوته إلى أبيه وما هي ردة فعله : (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)(١٨).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٩ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .. أقول وفي اصول الكافي بسند عن أبي عبد الله ما في معناه بزيادة» ان تصلي على محمد وآل محمد ، قبل ان تجعل له من امري ... وفي امالي الصدوق باسناده الى أبي بصير قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ما كان دعاء يوسف في الجب؟ فانا قد اختلفنا فيه؟ فقال : ان يوسف (عليه السلام) لما صار في الجب وأيس من الحياة قال : اللهم ان كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي صوتا إليك ولن تستجيب لي دعوة فاني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي اليه.
(٢) تفسير العياشي عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : كان ابن سبع سنين.