جاهَدُوا وَصَبَرُوا على الجهاد وما أصابهم من المشاقّ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد الافتتان والجهاد والصّبر لَغَفُورٌ لما فعلوا من قبل رَحِيمٌ ينعم عليهم مجازاة على مشاقّهم لَغَفُورٌ خبر أنّ الأولى والثانية جميعاً ونظير هذا التكرير في القرآن كثير وثمّ لتباعد حال هؤلاءِ من حال أولئك.
(١١١) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها أي ذاتها تحتّج عنها وتعتذر لها وتسعى في خلاصها لا يهمّها شأن غيرها فيقول نفسي نفسي وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ جزاء ما عملت وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.
(١١٢) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لكلّ قوم أَنعَمَ الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفُروا بها فأنزل الله بهم نقمته قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً لا يزعج أهلها خوف يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ وقرء بنصب الخوف استعار الذّوق لادراك أثر الضّرر واللباس لما غشيهم واشتمل عليه من الجوع بِما كانُوا يَصْنَعُونَ.
القمّيّ قال : نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البِلّيّان وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير وكانوا يستنجونَ بالعَجين ويقولون هو ألين لنا فكفروا بأنعُمِ اللهِ واستخفّوا بنعمة الله فحبس الله عليهم البلّيّان فجدبوا حتّى أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به حَتّى كانوا يتقاسمون عليه.
والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيه شيء من الطعام تعظيماً له إلّا أن يمصّها أو يكون إلى جانبه صبيّ فيمصّها له قال وإنّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقّده فيضحك الخادم ثمّ قال : إنّ أهل قرية ممّن كان قبلكم كان الله قد وسّع عليهم حتّى طغوا فقال بعضهم لو عمدنا إلى شيء من هذا النّقيّ فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحِجارة قال فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئاً خلقه الله إلّا أكلته من شجر أو غيره فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به فأكلوه وهي القرية التي قال