الصخر والكلس حتّى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاري فكانوا إذا أرادوا ان يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه وكانت لهم جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ عن مسيرة عشرة أيّام فيها يمرّ المارّ لا يقع عليه الشّمس من التفافها فلمّا عملوا بالمعاصي وعتوا عن امر ربّهم ونهاهم الصّالحون فلم ينتهوا بعث الله عزّ وجلّ على ذلك السدّ الجرد وهي الفارة الكبيرة فكانت تقلع الصخرة التي لا تستقلّها الرجال وترمي بها فلمّا رأى ذلك قوم منهم هربوا وتركوا البلاد فما زال الجرذ تقلع الحجر حتّى خربوا ذلك فلم يشعروا حتّى غشيهم السّيل وخرب بلادهم وقلع أشجارهم وهو قوله تعالى لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ الآية إلى قوله سَيْلَ الْعَرِمِ أي العظيم الشديد وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ مرّ بشع.
القمّيّ وهم أمّ غيلان وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ قيل معطوفان على أُكُلٍ لا خَمْطٍ فانّ الأثل هو الطّرفاء ولا ثمر له ووصف السّدر بالقلّة لأن جناه وهو النّبق ممّا يطيب اكله ولذلك تغرس في البساتين وتسمية البدل جنّتين للمشاكلة والتهكّم.
(١٧) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا بكفرانهم النعمة وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ الّا البليغ في الكفران وقرئ بالنّون ونصب الكفور.
(١٨) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها بالتوسعة على أهلها قيل هي قرى الشّام والقمّيّ قال مكّة قُرىً ظاهِرَةً متواصلة يظهر بعضها لبعض وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ بحيث يقيل الغادي في قرية ويبيت في أخرى سِيرُوا فِيها على إرادة القول لَيالِيَ وَأَيَّاماً متى شئتم من ليل أو نهار آمِنِينَ.
(١٩) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا اشروا النّعمة وملّوا العافية فسألوا الله ان يجعل بينهم وبين الشام مفاوز ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل وتزوّد الأزواد فأجابهم الله بتخريب القرى المتوسطة وقرئ بَعِّد.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : رَبَّنا باعَدَ بلفظ الخبر على أنّه شكوى منهم لبعد سفرهم افراطاً منهم في الترفيه وعدم الاعتداد بما أنعم الله عليهم فيه وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حيث بطروا النعمة فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ يتحدّث النّاس بهم تعجّباً وضرب مثل