ويؤنسه فأقبلت امرأته معها الكسرة فلمّا انتهت إلى الموضع إذ الموضع متغيّر وإذا رجلان جالسان فبكت وصاحت وقالت يا أيّوب ما دهاك فناداها أيّوب فأقبلت فلمّا رأته وقد ردّ الله عليه بدنه ونعمته سجدت لله عزّ وجلّ شكراً فرأى ذوابتها مقطوعة وذلك أنّها سألت قوماً ان يعطوها ما تحمله الى أيّوب من الطعام وكانت حسنة الذوائب فقالوا لها بيعينا ذؤابتك هذه حتّى نعطيك فقطعتها ودفعتها إليهم وأخذت منهم طعاماً لأيّوب فلمّا رآها مقطوعة الشعر غضب وحلف عليها ان يضربها مائة فأخبرته انّه كان سببه كيت وكيت فاغتمّ أيّوب من ذلك فأوحى الله عزّ وجلّ إليه خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ فأخذ عِذقاً مشتملاً على مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه قال فردّ الله عليه اهله الذين ماتوا قبل البلاء وردّ عليه اهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلّهم أحياهم الله له فعاشوا معه وسئل أيّوب (ع) بعد ما عافاه الله أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك فقال شماتة الأعداء قال فأمطر الله عليه في داره جراد الذهب وكان يجمعه فكان إذا ذهبت الريح منه بشيء عدا خلفه فردّه فقال له جبرئيل أما تشبع يا أيّوب قال ومن يشبع من رزق ربّه عزّ وجلّ.
أقولُ : لعلّ المراد ببدنه الذي قيل في الرواية الأولى انّه لم ينتن رائحته ولم يتدوّد بدنه الأصلي الذي يرفع من الأنبياء والأوصياء إلى السماء الذي خلق من طينته خلقت منها أرواح المؤمنين وببدنه الذي قيل في هذه الرواية انّه أنتن وتدوّد بدنه العنصريّ الذي هو كالغلاف لذلك ولا مبالاة للخواص به فلا تنافي بين الروايتين.
(٤٥) وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : أولوا القوّة في العبادة والبصر فيها.
(٤٦) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لا شوب فيها هي ذِكْرَى الدَّارِ أي تذكّرهم للآخرة دائماً فانّ خلوصهم في الطاعة بسببها وذلك لأنّه كان مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون جوار الله والفوز بلقائه واطلاق الدار للاشعار بأنّها الدار الحقيقية والدنيا معبر.
(٤٧) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ.