أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا فهذا من براهين نبيّنا التي آتاه الله ايّاها وأوجب به الحجّة على ساير خلقه لأنّه لمّا ختم به الأنبياء وجعله الله رسولاً الى جميع الأمم وساير الملل خصّه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج وجمع له يومئذ الأنبياء فعلم منهم ما أرسلوا به وحمّلوه من عزائم الله وآياته وبراهينه فأقرّوا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده وفضل شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن أمرهم وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم وسائر من مضى ومن غبر أو تقدّم أو تأخّر وقد سبق نظير هذين الخبرين في سورة يونس عليه السلام.
(٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ.
(٤٧) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ استهزؤا بها أوّل ما رأوها ولم يتأمّلوا فيها.
(٤٨) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ كالسنين والطوفان والجراد لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
(٤٩) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ قيل نادوه بذلك في تلك الحال لشدّة شكيمتهم وفرط حماقتهم أو لأنّهم كانوا يسمّون العالم الباهر ساحراً والقمّيّ أي يا أيّها العالم ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ان يكشف عنّا العذاب إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ.
(٥٠) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ عهدهم بالاهتداء.
(٥١) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ في مجمعهم وفيما بينهم بعد كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمن بعضهم قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ النيل وكان معظمها أربعة تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك.
(٥٢) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مع هذه المسلكة والبسطة مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ضعيف حقير لا يستعدّ للرئاسة وَلا يَكادُ يُبِينُ الكلام به من الرتّة (١) فكيف يصلح للرّسالة وأم امّا منقطعة
__________________
(١) الرّتة بالضم العجمة.