طرفاهما معا لا فى المكان ، بل فى الوضع الواقع عليه الإشارة. فإن الأطراف ليست فى مكان البتة ولها وضع ما والنقطة أيضا لها وضع ، فإن الوضع هو (١) أن يكون الشيء بحيث ممكن أن يشار إليه أنه جهة مخصوصة. والمتماسان تقع هذه الإشارة على طرفهما (٢) معا.
وإذا كان شيئان يتعدى لقاء كل منهما طرف الآخر حتى يلقى ذات الآخر بأسره لم (٣) يكن ذلك مماسة ، بل كان مداخلة ، فإنه ليست المداخلة (٤) إلا أن تدخل كلية ذات فى الآخر (٥) ، وليس ذلك الدخول (٦) إلا أن يلقى أحدهما كل ما قيل إنه مداخل فيه ، فإن ساواه كان لا شيء من هذا إلا وهو ملاق للآخر ، وإن فصل أحدهما لم يكن داخله كله بل داخله ما يساويه (٧) منه. فحقيقة المداخلة أن يكون لا شيء من ذات هذا إلا ويلقى ذات الآخر ، فلا يرى (٨) شيء لا يلقى الآخر وأما كون المتداخلين فى مكان واحد فهو أمر يلزم المداخلة ، وليس هو مفهومها بل مفهومها الملاقاة بالأسر. وإذا كان شيء يلاقى الآخر بالأسر ، والآخر لا يفضل عليه ، فما يلقى الآخر يلقى الأول ، وإلا فسيوجد فيه بالملاقاة شيء خاليا عن الأول. وقيل إن الأول لاقاه كله ، ولم يفضل عن الثاني عليه ، هذا خلف. فالمتلاقيات (٩) بالأسر ، أى شيء لاقى أحدهما لاقى الآخر ، ولا يحجب واحد منهما عن مماسة الآخر ، ولا يزداد الحجم باجتماع ألف منها (١٠) ، وهذا هو (١١) سبيل ألف نقطة لو (١٢) اجتمعت. وإذا كاد شيء يلاقى شيئا ، ويلقى (١٣) الملاقى شيء لا يلقى (١٤) الأول ، فهناك فضل فى ذاته عما لاقى الأول ، ذلك (١٥) الفضل (١٦) يناله الملاقى الثاني فارغا عن الملاقاة الأولى. وهذه الأشياء كلها بينة فى العقل. وكذلك إذا كان الشيء مشغولا بالملاقاة (١٧) حتى تكون الملاقاة تمنعه عن ملاقاة شيء آخر ، فإما أن يكون مشغولا ، كله أو بعضه. فإن كان كله لم يماسه ثالث ، وإن كان بعضه الأول فلا يكون لا الشغل ولا المماسة شغلا بالأسر أو مماسة بالأسر وهذه مقدمات بينة بنفسها ، وما ورد (١٨) من النقض لها فهو نقض مقدمات أعم منها ، وهو ما يقال من أن الشيء قد يكون كله معلوما بالقياس (١٩) إلى شيء ، وعند شيء مجهولا بالقياس إلى آخر ، وعند آخر من غير انقسام ، ويكون الشيء يمين شيء وليس يمين شيء من غير انقسام ، ولذلك (٢٠) يكون مشغولا بأسره بالقياس إلى شيء ، فارغا بالقياس إلى شيء آخر من غير انقسام فأول ما يغلطون فى هذا أن هذا ينقض (٢١) قول قائل من (٢٢) جهة أخرى (٢٣) إنه لا يجوز أن يكون
__________________
(١) وضع فإن الوضع هو : وضع هو سا ، م ، وضع ما والوضع ط.
(٢) طرفهما : طرفيهما ط ، م.
(٣) لم : ولم ط. (٤) المداخلة : المدخل د
(٥) الآخر : الأخرى د (٦) الدخول : المدخول سا.
(٧) ما يساويه : ما ساواه ا ط. (٨) يرى : يتراءى د ، يبق م.
(٩) فالمتلاقيات : فالمتلاقيان ط. (١٠) منها : منهما د ، م (١١) هو : + على م
(١٢) لو : إذا ط (١٣) ويلقى : ويلاقى ط
(١٤) لا يلقى : لا يلاقى ط. (١٥) ذلك : وذلك ط ، م
(١٦) الفضل : ساقطة من سا. (١٧) بالملاقاة : فالملاقاة سا.
(١٨) وما ورد : وما يورد د ، سا ، ط ، م. (١٩) بالقياس (الأولى) : بقياس ب ، د ، سا ، م.
(٢٠) ولذلك : فكذلك سا ، ط ، م. (٢١) ينقض : نقض سا ، ط ، م
(٢٢) من : ساقطة من م. (٢٣) من جهة أخرى : ساقطة من سا