الذي يقال لا على جهة السلب ، فقد يقال لمقابلة التناهى بالحقيقة ، وهو أن يكون الشيء من شأن طبيعته وماهيته أن تكون له نهاية ، ثم ليست. وهذا يقال (١) على وجهين : أحدهما على أنه من (٢) شأن نوعه وطبيعته أن تكون له نهاية ، لكنه ليس من شأنه بعينه أن يكون له ذلك ، مثل الخط غير (٣) المتناهى لو كان ، فإنه (٤) ليس يجوز أن يكون خط واحد بالعدد موضوعا للتناهى ولغير التناهى. لكن طبيعة الخط قابلة لأن تكون متناهية ، عند من يضع خطا غير متناه ، إنما الشك فى غير المتناهى. فإن (٥) كان هذا الخط غير (٦) المتناهى (٧) ليس من شأنه أن يكون هو (٨) بعينه وقتا آخر متناهيا ، وهذا المعنى من معنى (٩) غير (١٠) المتناهى هو الذي يريد أن يبحث عنه ، وهو الذي أى شيء أخذت منه ، وأى أمثال (١١) أخذت لذلك الشيء منه (١٢) وجدت شيئا خارجا عنه ، والثاني أن يكون من شأنه أن تعرض له نهاية لكنها غير موجودة (١٣) بالفعل ، مثل الدائرة فإنها لا نهاية لها ، لست أعنى أن سطح الدائرة غير محدود بحد هو المحيط ، بل إنما أعنى ، المحيط ، فإنه ليس منه نقطة بالفعل ينتهى عندها الخط ، بل هو متصل لا فصل فيه ، لكنه من شأنه أن تفرض فيه نقطة تكون تلك النقطة حدا لها (١٤) ، فإن فى (١٥) الدائرة نقطا بالقوة على هذه الصفة كم شئت يخرج بالفعل (١٦) بقطع أو فرض ، إذ لا نقطة إلا (١٧) وهى (١٨) بهذه الصفة أعنى طرف خط ثم لا خط هناك بالفعل إلا المحيط.
فهذه هى الوجوه التي يقال عليها لا نهاية بالحقيقة. وأما الذي يقال بالمجاز ، فإنه يقال لما لا يقدر على أن ينتهى ويحد بالحركة ، كالطريق بين الأرض والسماء أنه لا نهاية له ، وإن كان له نهاية. ويقال أيضا لما يعسر ذلك فيه وإن كان ممكنا شبيها (١٩) للعسر (٢٠) بالمعدوم. فهذه (٢١) وجوه مفهوم لا نهاية ، وغرضنا أن نبحث عما لا نهاية له من جهة أنه هل يكون من الأجسام أجسام هى بمقدارها أو بعددها بحيث أى شيء أخذت منها دائما (٢٢) وجدت شيئا خارجا عنه (٢٣) ، فإنه قد أوجب قوم وجود ذلك. والسبب فى ذلك أمور : من ذلك صدق قول القائل إن الأعداد تذهب فى الازدياد والتضعيف إلى ما لا نهاية له ، أو أنها لا تتناهى فى ذلك. فإذا كان كذلك ، فقد وجد لها معنى أنها لا تتناهى ، وكذلك (٢٤) للمقادير فى الانقسام. ومن ذلك ما يظن من أمر الزمان أنه يلزم أن لا يتناهى فيما مضى (٢٥) ولا يستقبل امتداد لا تضعيفا فقط مبتدأ من متناه ، ولا قسمة فقط. قالوا : لأنه كلما انتهى الزمان إلى أول ماض أو آخر مستقبل وجب أن يكون لماضيه قبل ولمستقبله بعد ، وعلى (٢٦) ما أشرنا إليه قبل ، قالوا : وذلك كله زمان.
__________________
(١) يقال (الأولى) : ساقطة من م (٢) من : فى سا. (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (٤) ليس .... فإنه : ساقطة من د (٥) فإن : وإن ط (٦) غير (الثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط (٧) فإن ... المتناهى : ساقطة من سا (٨) هو : ساقطة من سا. (٩) معنى : ساقطة من ط (١٠) غير : الغير ط. (١١) أمثال : مثال م (١٢) منه : ساقطة من سا. (١٣) موجودة : موجود سا. (١٤) لها : له م (١٥) فى : ساقطة من سا (١٦) بالفعل : إلى الفعل ط. (١٧) إلا : ساقطة من سا (١٨) وهى : وهو ب ، د ، سا ، ط. (١٩) شبيها : تشبيها د ، سا ، ط (٢٠) للعسر : للغير سا ، للعسير ط (٢١) فهذه : وهذه م. (٢٢) دائما : ساقطة من ط (٢٣) عنه : عنها ط. (٢٤) وكذلك : ولذلك سا (٢٥) فيما مضى : لا فيما مضى ط. (٢٦) وعلى : على ط.