[الفصل الثالث عشر]
م ـ فصل (١)
فى ذكر البخت والاتفاق والاختلاف فيهما
وايضاح حقيقة حالهما
وإذ قد تكلمنا عن الأسباب ، وكان البخت والاتفاق وما يكون من تلقاء (٢) نفسه قد (٣) ظن (٤) بها أنها من الأسباب فحرى بنا أن لا نغفل أمر النظر في هذه المعانى ، وأنها هل هى في الأسباب أو ليست في الأسباب (٥) ، وإن كانت فكيف هى في الأسباب.
وأما القدماء الأقدمون فقد كانوا اختلفوا في أمر البخت والاتفاق. ففرقة أنكرت أن يكون للبخت والاتفاق مدخل في العلل ، بل أنكرت أن يكون لهما معنى في (٦) الوجود البتة. وقالت : إنه من المحال أن نجد للأشياء أسبابا موجبة (٧) ونشاهدها فنعدل عنها ونعزلها عن أن تكون عللا ونرتاد لها عللا مجهولة من البخت والاتفاق ، فإن الحافر بئرا إذا عثر على كنز ، جزم أهل الغباوة القول بأن البخت السعيد قد لحقه ، وإن زلق فيه (٨) فانكسر رجله (٩) ، جزموا القول بأن البخت الشقى قد (١٠) لحقه. ولم يلحقه هناك بخت البتة ، بل كان من يحفر إلى الدفين يناله ، ومن (١١) يميل على زلق في شفير يزلق عنه. ويقولون إن فلانا لما خرج إلى السوق ليقعد في دكانه لمح غريما له فظفر بحقه ، فذلك من فعل البخت وليس كذلك ، بل ذلك لأنه قد توجه إلى مكان به غريمه وله حس بصر (١٢) فرآه (١٣). قالوا : وليس (١٤) وإن كان غايته في خروجه غير هذه الغاية ، يجب أن لا يكون الخروج إلى السوق سببا حقيقيا للظفر بالغريم ، فإنه يجوز أن يكون لفعل واحد غايات شتى ، بل أكثر الأفعال كذلك لكنه يعرض أن يجعل المستعمل لذلك الفعل أحد (١٥) تلك الغايات غاية ، فتتعطل (١٦) الأخرى بوضعه (١٧) لا في نفس الأمر
__________________
(١) فصل : فصل م ب ؛ الفصل الثالث عشر م.
(٢) تلقاء : لقاء م (٣) قد : فقد سا
(٤) قد ظن : يظن د. (٥) أو ليست في الأسباب : ساقطة من م.
(٦) في (الثانية) : من سا ، م.
(٧) موجبة : موجدة ط.
(٨) فيه : فيها د ، ط ، م
(٩) رجلة : ساقطة من سا ، م
(١٠) الشقى قد : ساقطة من م.
(١١) يناله ومن : يناوله من ط.
(١٢) بصر : نظر سا
(١٣) فرآه : نراه ب ، د ، ط
(١٤) وليس : ساقطة من م.
(١٥) أحد : إحدى ط
(١٦) فتتعطل : فتعطل سا ، م
(١٧) بوضعه : موضعه سا.