محدود ، والمقصود بالإرادة أيضا محدود ، ونحن نعنى بالغاية الذاتية هاهنا هذا. وقوله : إنه ليس يجب أن تصير الغاية غير غاية (١) بالجعل ، حتى إذا جعل الظفر بالغريم غاية صار الأمر غير بختى ، وإن جعل الوصول (٢) إلى المكان غاية صار الأمر بختيا. فإن الجواب عنه أن قوله : إن الجعل لا يغير الحال فى هذا الباب ، هو (٣) غير مسلم. ألا ترى أن الجعل يجعل الأمر فى أحدهما أكثريا وفى الآخر أقليا؟ فإن الشاعر بمقام الغريم الخارج إليه (٤) ليغفر به من حيث هو كذلك ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر به ، وغير الشاعر الخارج إلى الدكان من حيث هو كذلك (٥) ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر بغريمه. فإن كان الجعل المختلف يختلف له حكم الأمر فى أكثريته وغير أكثريته فكذلك يختلف له حكم الأمر فى أنه اتفاقى أو غير اتفاقى.
وأما ديمقراطيس الذي يجعل تكون العالم بالاتفاق ، ويرى أن الكائنات تكون بالطبيعة ، فمما يكشف فساد رأيه هو أن نبين له ماهية الاتفاق وأنه (٦) غاية عرضية لأمر طبيعى أو إرادى بل أو لقمرى (٧) ، ولقمر (٨) ينتهى إلى طبيعة أو إرادة ، فإنه سيظهر أنه لا يستمر قسر على قسر إلى غير النهاية فتكون الطبيعة والإرادة ذاتهما (٩) أقدم من الاتفاق ، فيكون السبب الأول للعالم طبيعة أو إرادة (١٠). على أن الأجرام التي يقول بها (١١) ويراها صلبة ويراها متفقة الجواهر (١٢) مختلفة بالأشكال ويراها متحركة بذاتها فى الخلاء إذا اجتمعت وتماست ، ولا قوة عنده ولا صورة إلا الشكل فقط ، فإن اجتماعها (١٣) ومقتضى أشكالها لا يلصق بعضها ببعض ، بل يجوز لها الانفصال واستمرار حركتها التي لها بذاتها ، فيجب لذاتها أن تتحرك فتنفصل ولا يبقى لها الاتصال. ولو كان ذلك (١٤) لما وجدت (١٥) السماء مستمرة الوجود على هيئة واحدة فى أرصاد متتابعة بين طرفى زمان طويل. ولو كان يقول إن فى هذه الأجرام قوى مختلفة فى جواهرها يتفق لها أن تتصادم ، ويضغط ما بينها (١٦) ، ويقف الضعيف (١٧) منها بين الضاغطين ويتكافأ ميل الضاغطين بحسب القوتين فيبقى كذلك ، لكان ربما أوهم أنه يقول شيئا إلى أن نبين أن هذا لا يكون (١٨) ولا يتفق ، وسنشير إليه بعد. والعجب أنه يجعل الأمر الدائم الذي لا يقع فيه خروج عن نظام واحد ولا أمر حادث كائن ببخت أو اتفاق فيه البتة (١٩) اتفاقيا ، ويجعل الأمور الجزئية لغاية (٢٠) ، وفيها ما يرى بالاتفاق (٢١).
__________________
(١) غاية : ساقطة من سا (٢) الوصول : الحصول سا ، ط.
(٣) هو : فهو ط. (٤) الخارج إليه : ساقطة من م.
(٥) فإنه ... كذلك : ساقطة من م.
(٦) وأنه : ساقطة من م. (٧) لقسرى : قسرى ط
(٨) والقسر : والقسرى ط. (٩) ذاتهما : ذاتها د ، سا ، م
(١٠) أو إرادة : وإرادة م
(١١) بها : + فى ذاتها أقدم من الاتفاق ط.
(١٢) الجواهر : أو يراها ط. (١٣) اجتماعها : اجتماعهما م.
(١٤) ذلك : كذلك سا ، ط ، م. (١٥) لما وجدت : ساقطة من م.
(١٦) ما بينها : ما بينهما ط (١٧) الضعيف : الضعف م.
(١٨) لكان ... لا يكون ، ساقطة من م. (١٩) البتة : ساقطة من د
(٢٠) لغاية : كفاية سا (٢١) بالاتفاق : الاتفاق سا ، م.