نظر. أما الصورة فإنها صورة الفعل وهو القتال ، وليس السؤال إلا عن علة وجودها عن الفاعل فلا يصلح أن يجاب لها ، فإنها ليست علة لوجود نفسها عن الفاعل إلا أن تكون تلك الصورة هى غاية الغايات ، كالخير ملا ، فتكون لذاتها لا لسبب ما هى محركة للفاعل إلى أن يكون فاعلا (١) على النحو (٢) الذي أومأنا إليه فى بيان نسبة ما بين الفاعل والغاية ، ومع ذلك فلا تكون علة قريبة لوجودها فى تلك المادة عن الفاعل بل علة لوجود الفاعل فاعلا فلا تكون من حيث هى موجودة فى المادة علة للفاعل ، بل من حيث هى (٣) معنى وماهية. فإذا كان السؤال عن كونها موجودة لم يصلح الجواب بها من حيث هى موجودة ، بل من حيث هى معنى وماهية ، وربما كانت الصورة (٤) المسئول عنها ذات معنى داخل فيها أو عارض لها ذاهب مذهبها ، فيكون يصلح أن يكون ذلك المعنى جوابا ، لما يقال : لم عدل فلان ، فيقال : لأن العدل حس ، فيكون الحسن معنى فى العدل وجاريا مجرى الصورة ، ولا تكون الصورة المسئول عنها جوابا ، بل صورة غيرها ، فإن الحسن هو جزء حد أو عارض لها ، فإن (٥) الحسن معنى أعم من العدل إما عارض لازم وإما جزء حد له مقوم. وإذا صلحت الصورة أن يجاب بها هاهنا فقد دخلت من حيث هى كذلك فى جملة الداعى المحرك للاختيار وحكم المادة هذا الحكم بعينه. فإنه إذا قيل : لم نجر فلان هذا الخشب سريرا ، فقيل : لأنه كان عنده خشب ، لم يكن مقنعا ، إلا أن يزاد فيقال : كان عنده خشب صلب صالح لأن ينجر منه سرير ، وكان لا يحتاج إليه فى أمر آخر. لكن الأمور الإرادية يصعب أن تؤدى بعلة (٦) بتمامها فيها ، فإن الإرادة تنبعث بعد توافى أمور لا يسهل إحصاؤها ، وربما لم يشعر بكثير منها فيخبر عنها (٧). وأما الأمور الطبيعية فيكفى فيها من المادة الاستعداد والملاقاة للقوة الفاعلة فيكون حصول نسبة المادة فيها جوابا وحده إذا ذكر فى السؤال حضور الفاعل ، وأما إذا تضمن السؤال الغاية كما يقال : لم صح فلان؟ فيصلح أن يجاب بالمبدإ الفاعلى فيقال : لأنه شرب الدواء. ويصلح أن يجاب بالمبدإ المادى مضافا إلى الفاعل : فيقال : لأن مزاج بدنه قوى الطبيعة. ولا يكفى ذكر المادة وحدها ، وأما الصورة فقلما يقنع ويقطع السؤال بذكرها (٨) وحدها بأن يقال : لأن مزاجه اعتدل : بل يحوج إلى سؤال آخر يؤدى (٩) إلى مادة أو فاعل. وأما إذا كان السؤال عن المادة واستعدادها بأن يقال مثلا : لم بدن الإنسان قابل للموت؟ فقد يجوز أن يجاب بالعلة الغائية ، فيقال : جعل ذلك لتتخلص النفس عند الاستكمال عن البدن. وقد يجوز أن يجاب بالعلة المادية ، فيقال : لأنه مركب من الأضداد ، ولا يجوز أن يجاب بالفاعل فى الاستعداد الذي ليس كالصورة ، لأن الفاعل لا يجوز أن يعطى المادة الاستعداد ، كأنه إن لم يعط لم تكن مستعدة (١٠) اللهم إلا أن يعنى
__________________
(١) فاعلا : مفاعلا د (٢) النحو : ساقطة من د.
(٣) موجودة ... هى : ساقطة من د.
(٤) الصورة : للصورة ط. (٥) فإن : وإن م.
(٦) بعلة : العلة سا ، م. (٧) عنها : عنه د ، سا ، م.
(٨) يذكرها : ذكرها سا ، م (٩) يؤدى : مؤدى ب ، د ، ط.
(١٠) ستعدة : مستعدا م.