مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (١٠ : ١٠٨).
ترى إذا اختصت الضلالة والهدى بمن ضل واهتدى ، فكيف يؤمر المهتدون أن يهدوا ، وينهى الضالون ان يضلوا؟
الجواب : أن الحصر هنا نسبي يعني ـ فقط ـ نفي انتقال الهدى والضلالة بآثارهما الى غير أصحابهما ، كما تعنيه آية الطائر ، ولا يعني عدم بث الهدى ام ماذا؟
٢ ـ (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) إن الهدى والضلالة هما لزام أصحابهما ، ما من احد يحمل او يتحمل حمل احد ولا يحمله ولو كان ذا قربى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) (٣٥ : ١٨) وإن وزرت كمثلها او تزيد إذا أضلت غيرها ، ولكنها ليست لتخفف في حمله حمل التي ضلت بإضلالها : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٩ : ١٣) فهؤلاء المضللون يحملون وزري ضلالهم وإضلالهم : أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم دون ان ينقص من أوزار من ضلوا بهم شيء : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (١٦ : ٢٥) (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها ...) (٤ : ٨٥)(١) تعني هذه الضابطة فيما تعني أن أولاد الكفار ـ الصغار ـ لا يعذبون
__________________
(١) حديثه متظافر وراجع تفسير آية الوزر في ج ٢٧ ص ٤٥٠ ـ ٤٥٧ سورة النجم من الفرقان ، ترى فيه حوارين حول آية السعي والوزر جوابا عمار بما يسأل حولها.