مشكلة الخلود : (١).
إن الخلود او الأبدي منه لمن يصلى النار الكبرى قد يفسر بالبقاء اللانهائي الحقيقي في النار ، فترد عليه مشاكل عقلية ومن حيث العدالة الإلهية ، وانه يسبق رحمته غضبه أم ماذا.
فالمشكلة العقلية هي أن ماله بداية لا بد له من نهاية ، والخلود أيا كان هو امتداد تركيبي من أجزاء الزمان ، وكما الأجزاء هذه محدودة فالخلود المركب من المحدود لا محالة محدود ، ثم وإذا لم تكن لهذا الخلود نهاية فتلكن الزيادة او النقصان من بدايته لا تزيد ولا تنقص من الخلود لأنه لا محدود ، واللامحدود لا يقبل لا زيادة ولا نقصان ، فلا خلود ـ إذا ـ لا نهائيا ، لا في الجنة ولا في النار!
والجواب الحاسم لهذه المشكلة هو أن الذي لا يقبل زيادة ولا نقصان هو اللامحدود المطلق وليس إلا الله تعالى شأنه ، فلا أول له ولا آخر حتى يحد بأول او آخر ، ولا يقبل كيانه لا زيادة الزمان ولا نقيصته لأنه خارج عن محور الزمان.
واللامحدودية المطلقة هي لزام الأزلية التي لزامها الابدية حيث الأزلية ليست إلا ذاتية إذا فهي تلازم الأبدية الذاتية ، وأما الأبدية فهي بين ذاتية هي استمرار ذاتي للأزلية وغيرية هي استمرار بإرادة الأزلي.
هنا محدودية مطلقة كالاعمار في الدنيا والبرزخ فان لها بداية ونهاية ، وهنا لك لا محدودية مطلقة كما هو لله تعالى شأنه لا سواه وبينهما لا محدودية نهائية في حد بدائي ، أم بدائية في حد نهائي. في امتداد فعلي حاصل ، او
__________________
(١) لقد فصلنا البحث عن الخلود في هذا التفسير ج ٣٠ ص ٤١ ـ ١٥ وفي «عقائدنا» ص ٣٠٦ ـ ٣٢٢.