رقيق قد ألبس قالبا كثيفا» (١) «مادته من الدم» ... «ليس لها ثقل ولا وزن» (٢) : ودليل العقل (٣) شهود ثلاثة على عدم التجرد المطلق للروح الإنساني ، وانما تجرد نسبي يعني انه طاقة عاقلة تنبثق من الهيكل الانساني بعد اكتماله فهو مادي دون تجرد ، سلالة من البدن تدبره وهي حياته كسائر الحياة في نشأتي البرزخ والقيامة ، ثم لا نجد ولا إشارة او تلميحة عن عقل او كتاب او سنة أنه مجرد عن المادة إطلاقا ، بل هو طاقة مادية
__________________
(١) نور الثقلين ج ٣ : ٢١٧ ح ٤٣٣ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل وفيه قال السائل : اخبرني عن السراج ـ الى قوله ـ : والروح جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا ... قال : فأين الروح؟ قال : في بطن الأرض حيث مصرع البدن الى وقت البعث قال : فمن صلب اين روحه؟ قال : في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض ، قال : فاخبرني عن الروح أغير الدم؟ قال : نعم الروح على ما وصفت لك مادته من الدم ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك ، فإذا جمد الدم فارق الروح البدن ، قال : فهل توصف بخفة وثقل ووزن؟ قال : الروح بمنزلة الريح في الزق إذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن».
(٢). المجرد في ذاته غني عن موجد او محوّل ومبدّل فلا يخلق وإنما يخلق ، فلو أن الله خلق الروح مجردا عن المادة ، جاز ان يكون هو ايضا مخلوقا ، وعدم جواز الحدوث لذات الله ليس إلّا لتجرده عن مطلق المادة فأزلي غني عما سواه ، فحدوث الروح إذا يعني كونه ماديا ، كما أزليته تعني تجرده ، وتجرده يعني أزليته! ...
وضرورة مجانسة العلة والمعلول ليست الا في العلة الوالدة حيث تلد المعلول ، اما بتحولها تماما الى المعلول ام بعضا أما ذا ، واما العلة الخالقة فالضرورة فيها عدم المجانسة حتى يمكن إيجادها الشيء لا من شيء ، والضابطة القائلة «الفاقد للشيء لا يعطيه» ليست الا في العلة الوالدة ، واما الضابطة في العلة الخالقة فهي «ان تجد العلة القدرة على إيجاد المعلول لا من شيء او من شيء هو خلقه» واما ان تجد ذات المعلول في ذاتها فذلك يحيل خالقيها الى الوالدية!