(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً)(٥٣).
ترى وإذا (لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) وهم عارفون أنهم أهل النار وهم يرونها ، فكيف «ظنوا (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) ولم يستيقنوا؟
ان مواقعة النار وهي الوقوع من جانبي النار واهل النار ، هي دخولهم في النار واشتغال النار بهم (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) .. هذه المواقعة رغم أنها واقعة لهم دون شك ، ولكنهم حيث يترجون مهلة لهم بين رؤية النار ومواقعتها من ناحية ، ويرونهم قريبين إليها من أخرى (فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) أو أنهم على احتمال النجاة من النار ان يجدوا عنها مصرفا كما يرجوا كل مجرم (فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) حال أنهم (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) : صرفا أو مكانا أو زمانا للصرف عنها ، خلاف ما ظنوه من مصرف أيا كان وأيان.
فليس الظن هنا ولا في غيرها علما كما العلم أيا كان ليس ظنا ، فاي منهما ليس بفصيح ولا صحيح حتى إذا قرن بقرينة وليست في ايّ منها! والحديث الوارد في ظن اليقين مطروح او مؤول (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٦٩ ج ١٢٥ في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي (عليه السلام) يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات واما قوله (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) يعني أيقنوا انهم داخلوها ورواه في الاحتجاج مثله عنه (عليه السلام) وقد يكون بعض ظن الكافرين يقينا وذلك قوله «وراى ...»
أقول : قد يعني كون ظنهم يقينا انما يظنونه متيقن الوقوع وان كانوا يظنونه دون تيقن كا نرى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) يرى ظنهم ففي الدر المنثور عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : ينصب الكافر يوم القيامة مقدار خمسين الف سنة ما لم يعمل في الدنيا وان الكافر ليرى جهنم ويظن انها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله اعلم» ـ