أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (١٧ : ٩٤) سنة بئيسة تعيسة للاوّلين منهم والآخرين ، طيلة الرسالات الإلهية حتى الاخيرة ، في جدال بالتي هي أسوء : (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) وأضرابها من الأعذار اللّامعقولة حيث تمنعهم أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم.
ومن هذه السنة مطالبة العذاب إن كانت الهدى حقا : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٨ : ٣٢)
ولكن هذه السنة او تلك كائنة للمستكبرين ككل وهنا (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ) ومن اين تأتيهم وكيف وهي لزام لهم عندهم؟
قد تدخل في هذه السنة أو هي الأصل هنا ، سنة الأولين في عذاب الاسئصال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) (٣٥ : ٤٣) فعدم إتيان عذاب الاستئصال ، او عدم إتيانه قبلا كان من موانع الايمان في زعمهم الى سائر موانعه! وعند تحقق سنة الاوّلين عذابا واقعا لا يبقى مدعي الايمان حينه حتى يؤمن! وعند رؤية العذاب قبلا لا يفيد الايمان فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا ... فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) (٤٠ : ٨٥) حيث خيل لهم أن مانعهم عن ايمانهم عدم ايقانهم ، فبرؤية البأس يوقنون فيؤمنون.
فإتيان سنة العذاب المستأصل او العذاب قبلا ـ ولمّا يأت ـ هو في عداد موانع الايمان والاستغفار ، موانع حمقاء ، ليست إلّا اعذارا أسوء من حماقات الطغيان.
وليس إتيان سنة العذاب قبلا او استئصالا لإثبات الحق من سنة الرسل وإنما هم يبشرون وينذرون حجاجا وجدالا بالتي هي أحسن دونما