ولكن عابهم بما صنعوا ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شيء» (١) ثم و «غطاء العين لا يمنع عن الذكر والذكر لا يرى بالعين» (٢) وانما الغطاء على تبصّر العين فهي مفتوحة حيوانيا ومغطية إنسانيا.
فهي السمع المغطاة عن السمع بما غطّوها و : (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢٦ : ٢١٢) فلما عشوا عن ذكر الرحمن وصمّوا عن سمعه ، أصبحوا صمّا عميا بما صموا وعموا ف (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (١١ : ٢٠) فقد كانوا ينظرون فلا يعتبرون ، او تعرض لهم العبر فلا ينظرون.
ليس ذلك عشو البصر عمى وصمم الاذن ، بل تعامي البصر وعشو البصيرة وصمم القلب : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦) لذلك : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٧ : ١٠) (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٧ : ١٧٩).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣١٠ ح ٢٤٢ في تفسير العياشي عن محمد بن حكيم قال : كتبت رقعة الى أبي عبد الله (عليه السلام) فيها : أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال : لا ـ فقلت يقول الله : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) قال : هو كقوله (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) قلت فعابهم؟ قال : ..
(٢) المصدر ج ٢٤٣ عيون الاخبار باسناده الى أبي الصلت الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قول الله تعالى (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ ...) فقال : ان غطاء العين .. ولكن الله شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب بالعميان لأنهم كانوا يستقلون قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيه (لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) ..