فتلك هي أعين في غطاء الغفلة والتعامي (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢) وهي آذان لا يسمعون بها ، فلا يستطيعون بعد ذلك سمعا ولا إبصارا بما ختم الله على سمعهم وعلى أبصارهم كما ختموا (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢ : ٧).
ثم و (كانَتْ أَعْيُنُهُمْ .. وَكانُوا) يضربان الى اعماق الماضي ، أنهم كانت أعينهم في غطاء منذ كانت لهم أعين ، وكانوا لا يستطيعون سمعا منذ كانت لهم سمع ، امتناعا بالاختيار ، ثم (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ).
ومن ثم (فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) تجعل أعينهم غارقة في غطاء حيث غطتها من كل جانب ، فلا منفذ إذا لمعاينة الحق وذكره وهذه أعمى العمى!
(وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) تجعل على آذانهم وقرا وصمما محيطا لحدّ لا يستطيعون سمعا لو أرادوا سمعا وهذه أصم الصمم! حيث الأصم قد يسمع إذا صيح عليه وأصغى ، وذلك لا يستطيع سمعا!
وكما لمعاينة الآيات وذكر الله وسمعها درجات ، كذلك لغشاء الأعين وصمم السمع دركات وهذه أسفل الدركات.
و «عن ذكري» تلميحة كتصريحه أن غطاء الأعين لم تكن على الحقيقة في غطاء يسترها ، وحجاز يحجزها ، بل كانوا ينظرون فلا يعتبرون ، أو تعرض لهم العبر فلا يعبرون ، فقد كانت أعينهم تذهب سدى وصفحا عن مواقع العبر ، فلا يفكرون فيها ، ولا يعتبرون بها فيذكرون الله سبحانه وتعالى عند إجالة افكارهم ، وتصريف خواطرهم.