ترى وما هي مادة التنازع في أمر أصحاب الكهف بين هؤلاء الذين أعثروا عليهم؟ هل هي أمر مكوثهم الخارق للعادة؟ فطائفة منهم تغامضوا عن كونها آية للبعث وان الساعة آتية لا ريب فيها فقالوا (ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) بنيانا يخفي أمرهم ، فنحن لا ندري من أمرهم شيئا فلنجعله في زمرة المجاهيل المغافيل (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) ليكونوا عبرة للزائرين ومعبدا للساجدين ، دليلا على التوحيد (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) وهم الموحدون الذين عرفوا أمرهم ، لا السلطة الزمنية إذ لا تختص بهذه الغلبة دون الشعب ، والسلطات الزمنية في الأغلبية الساحقة مهدمة المساجد لا معمرتها ، ثم ومن يجرأ على المنازعة مع السلطة مع تقديم الرأي ضد السلطة ، فانما هم الغالبون على أمر اصحاب الكهف قضية قوة الايمان!
ومادة اخرى بين الذين غلبوا على أمرهم ، وتنازعوا فيها رغم الوحدة في آية نومهم ، هي أمد لبثهم أمّاذا من أمرهم ومن ثم التنازع في عدتهم ، وطبعا لمن لم يغلب على أمرهم ومن أظهره عدتهم :
(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٢٢).
فيما مضى عرفنا من حوار اصحاب الكهف في (كَمْ لَبِثْتُمْ) انهم لم يكونوا باقل من سبعة ، وهنا نتأكد أنهم سبعة ، فان (رَجْماً بِالْغَيْبِ) ترجم القولين دون السبعة ، ثم لا رجم على (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ) فلو كان مثلهما ،
__________________
ـ ماتوا او ناموا قبل ان يدخل عليهم الملك وسدّ باب الكهف وغاب عن ابصارهم فلم يهتدوا للدخول فبنوا هناك مسجدا يصلون فيه ـ أقول ولا نقول إلّا ما يوافق القرآن وقد نتحمل ما لا يخالفه.