وترحاله ، وعلى كل حاله ، فكما يصبر في الله في أوامره ونواهيه وفي قوله الثقيل كذلك مع الذين يدعونه بالغداوة والعشي يريدون وجهه ، يحملهم ويتحملهم يهديهم ويذود عنهم ، يجاريهم ويداريهم ولا يفضّل عليهم ولا يسوي بهم!
اجل (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٦ : ٥٢).
ولماذا تطردهم وهم مؤمنون؟ أرغبة في ايمان من يتأنفون عنهم ، والإنذار لا يفيدهم (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٦ : ٥١)!.
ترى وماذا تعني (بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) حيث يدعون بهما ربهما؟ لأنهما وقت الصلاة بداية الفرض في العهد المكي طرفي النهار كما في مكيات اخرى (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٤٠ : ٥٥) (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ..)(٦ : ٥٢)؟ ولا بد في سمة الايمان دوامتها والفرض في المدينة خمس وعلى طول الخط ، فليقل : مع المصلين لتشمل الفرض مكيا ومدنيا! وآية العشي والإبكار لا تخص المكي ، بل والمدني أيضا (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٣ : ٤١) وكما الكهف علّها مدنية او البعض من آيها وعلها منها!
ام لأن الغداة هي الوقت الذي ينتقل فيه الإنسان من نومه الى يقظته ، والعشي تنقلا من يقظته الى نومه ، وهما يذكّران الحياة بعد الموت ثم الموت بعد الحياة ، وهما ركنا اوقات الليل والنهار. فذكرهما أهم الذكر!
إذا فهما يعنيان أهم الأوقات من الليل والنهار ، فالغداة صباح والعشي عصر الى ليل ، وكما هما في الجنة والنار ركنان في رحمة وعذاب : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ