فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١٩ : ٦٢) (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٤٠ : ٤٦) فهما أهم اوقات الذكر وسواه وفيما مضى كما هنا : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١٩ : ١١) لا فحسب الإنسان فالجبال ايضا : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (٣٨ : ١٨).
ثم وفي ردف العشي بالإشراق والغدو بالعشي ـ على كونهما ركني الأوقات ـ عطف الى ما بينهما من أوقات الليل والنهار ، إلا فيما يخصهما بقرينة كرزق البرزخ وعذابه ، فالغداة والعشي في ذكر الرب ودعوته تعني الغداة الى العشي والعشي الى الغداة كما يقال «انا دارس صباح مساء» او «ضارب اعداء الله ظهر بطن».
فدعوة الرب هي حالهم ومقالهم ، حلهم وترحالهم ، غداتهم وعشيهم بما فيها الفرائض الخمس (١) كأركان الدعوات وتلحقها سائرها ، كما الغداة والعشي من أركان الأوقات وتلحقها سائرها.
(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ... يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ..) وماذا يعني «وجهه»؟ هنا وجه الرب كما في عديد سواه (٢) وهناك وجه الله كما في عديد سواه (٣) وبينهما فرق
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٢٠ ـ اخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابراهيم ومجاهد في الآية قالا : الصلوات الخمس
وفي نور الثقلين ٣ : ٢٥٨ عن تفسير العياشي عن زرارة وحمران وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله (وَاصْبِرْ .. بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) قال : انما عنى بها الصلاة».
(٢) كما في ١٣ : ٢٢ : والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقامهم الصلاة ـ و ٥٥ : ٢٧ : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ـ و ٩٢ : ٢٠ : الا ابتغاء وجه ربه الأعلى ـ و ٦ : ٥٢ : يريدون وجهه ـ فالمجموع خمسة موارد.
(٣) كما في ٢ : ١١٥ : فأينما تولوا فثم وجه الله ـ و ٢ : ٢٧٢ : وما تنفقون الا ابتغاء وجه الله ـ و ٣٠ : ٣٨ : ذلك خير للذين يريدون وجه الله و ٢٨ : ٨٨ :) الله لا اله الا هو كل شيء هالك الا وجهه.