سوى الله كله الحياة الدنيا : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (١٥ : ٨٨) (... مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) (٢٠ : ١٣١).
وانما هما ناضرتان ناظرتان الى الرب والذين يدعونه يريدون وجهه ، منحصرتان بهم منحسرتان عمن سواهم.
وهل «عيناك» هما الظاهرتان الباصرتان؟ ومدهما إليهم دون رعاية ورقابة ومرحمة ليس مد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم)! ام هما عينا عقله وقلبه ، فبعقل الوحي يعقلهم عما لا يحمد ، وبعين القلب يحبهم ام ماذا؟ ولا يكفيان مدا ، والباصرتان الظاهرتان تعدوانهم الى سواهم! ام هما عينا القلب بما معه ، والقالب بما معه ، ان يكرس نفسه بطاقاتها وامكانياتها نظرة ناضرة إليهم ، مراقبة عليهم؟ وهو جمع جميل والله على ما نقول وكيل!.
(... وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(٢٨).
وهل ان اغفاله سبحانه قلبا يعني وجدانه غافلا فهو في الحق غافل عاطل ، كما يقال «لله دركم يا بني سليم! والله لقد قاتلناكم فما أجبناكم وهاجيناكم فما افحمناكم وسألناكم فما ابخلناكم» اي : لم نجدكم جبانين عند النزال ولا اعياء عند المقال ولا ابخال عند السؤال(١).
وذلك احتشاما عن ان يغفل الله قلبا وهو مذكر لا مغفل؟ ولكنما الصحيح والفصيح للتدليل على هذا المعنى لفظه الخاص ك (وجدنا قلبه غافلا)
__________________
(١) مجازات القرآن وتلخيص البيان للسيد الشريف الرضي ينقله عن عمرو بن معد يكرب لبني سليم ص ٢١٢.