من الإغفال.
وقد يعني «أغفلنا» هنا كل هذه مترتبة : ان وجدنا قلبه غافلا عن عمده فلما استمر في غفلته تركناه على غفلته وحتى شرح بالكفر صدرا فطبعنا على قلبه حتى لا يسطع الرجوع عن غفلته ، إذ كان له قبل طبعه الرجوع الى ربه ثم يمدهم في طغيانهم يعمهون (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) قبل أن أغفلنا قلبه واتبع هواه من قبل ومن بعد في تزايد دركاته ، وما أجمله جمعا بين معان مترتبة يقتضيها أدب اللفظ وواقع المعنى!.
اتباع الهوى على غفلة معمّدة وامر فرط مضيع يتبعه جزاء له إقفال القلب فإغفاله فاتباع مفرط للهوى وامر فرط في اتباع الهوى! (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) (٥٨ : ١٩) (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (٥٩ : ١٩)!
لا تطع ـ وان كانت رجاء لاهتدائهم ـ من غفلوا عن أنهم عبيد وهو ربهم فأغفلنا قلبه عن ذكرنا فلم يطامنوا من نخوتهم ولا خففوا من غلوائهم ، ولم يستشعروا جلال الله الذي تتساوى في ظله العباد إلا من التقى أو هو اتقى!.
ذلك القلب المقلوب ، المليء من الشهوات والطنطنات ، في أمر إمر من فرطات ، انه ليس قلب إنسان ، بل هو مربض الحيوان ومزبل الشيطان! «لا تطع ...»
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً)(٢٩).
آية محكمة تحكم عرى الاختيار وتجثث جذور الإجبار «فمن شاء ..»