واحتملَ الضَّمَّةَ قبلها دليلاً عليها.
لكن من قال : (عليهُمِي) بهاء مضمومة وياء بعد الميم ففيه نظر ، وذلك أَنَّهُ كَرِهَ ضمَّةَ الهاءِ وضَمَّةَ الميم ووقوع الواو من بعد ذلك كما كُرِهَ في الاسم المظهرِ وقوعُ الواو طَرَفاً بعدَ ضَمَّة ، وذلك في قولِهِمْ في دَلو وحَقو (١) : أدل وأَحق ، وأصلُها : أَفْعُل ادْلُو وَأحقُوٌ ، كَكَلْب وَأَكَلُب ، فأبدلوا من الضمّة كسرة تطرقا إلى قلبِ الواو ، فصارت في التقدير : أدْلِوٌ وأَحْقِوٌ فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً بعذر قاطع وهو : وقوعُ الكسرةِ قبلها ، فصارتْ أدْلِيٌ ، وأحْقِيٌ ، وَكَذَلِك أبدلت ضمَّةُ الميمِ مَن (عليهُمُو) كسرةً فصارتْ عليهُمِو ، فأبدِلَتِ الواو ياء للكسرة قبلها فصارت عليُهِمي.
وأما (عليهُمِ) بكسرة الميم من غير ياء فانه لمَّا كانتِ الصفةُ فيه إنَّمَا طريقُهَا الاستخفافُ اكتُفِيَ بالكسرةِ من الياءِ ، وَكَذلك مَنْ قالَ : (عليهِمُ) بكسر الهاءِ مع ضمِّ الميمِ اكتفى بالضَّمَّةِ من الواوِ ، وقد ذكرناه.
وَمَنْ قالَ : (عليهِمِ) بكسرِ الهاءِ والميمِ من غيرِ ياء فإنَّهُ اكتفَى بالكسرةِ أيضاً من الياء استخفافاً ، فأَمَّا قولُ الشاعر ورويناه عن قطرب :
فهمو بِطانَتُهُم وهُمْ وزراؤهم |
|
وَهُمِ القضاةُ ومنهمُ الحُكَّامُ (٢) |
وروينا عنه أيضاً :
أَلا إنّ أصحابَ الكنيفِ وجدتُهُمْ |
|
همِ الناسَ لما أَخصبوا وَتَمَوَّلُوا (٣) |
__________________
(١) الحقو : الكشح وقيل معقد الإزار. لسان العرب : ١٨ / ٢٠٦.
(٢) في هذا البيت كما لا يخفى ميمٌ مضمومة وثانية ساكنة وثالثة مكسورة.
انظر : الخصائص : ٣ / ١٣٢ وشرح المفصل : ٣ / ١٣٢ والمحتسب : ١ / ٤٥.
(٣) البيت لعروة بن الورد. انظر : ديوان عروة بن الورد : ١٠٣ وشرح المفصل : ٣ / ١٣١.