فقوله : وَهُمِ القضاة ومنهمِ الحكام ، فيحتمل كسر الميم وجهين :
أحدهما : أنْ يكونَ حَرَّكَهُ لالتقاءِ الساكنين.
والآخر : أنْ يكونَ على لغةِ من قالَ عليهُمِي ، فحذفَ الياءَ ، لالتقاء الساكنين من اللفظ ، وهو ينويها في الوقف.
ووجهٌ ثالثٌ : أَنْ يكونَ على لغةِ مَن قالَ عليهُمِ بكسر الميم من غير ياء.
وقوله : (همِ الناس) يَحتَمِلُ أَيضاً هذه الأَوجهَ الثلاثةَ.
وروينا عن قطرب أَيضاً : عافاكمِ الله ، ففيه أيضاً مَا فِيَما قَبْلَهُ ، واللغات في هَذا وَنَحوِه كَثير (١).
وَقَرَأ عبد الله بن يزيد : (أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهُ رِجَالٌ) (٢) بكسرِ هاءِ (فيه) الأولى ، وَضَمِّ هاءِ (فيه) الآخرة مُخْتَلَسَتينِ.
قال أبو الفتح : أصلُ حركةِ هذهِ الهاءِ الضمُّ ، وإنَّما تكسَرُ إذَا وَقَعَ قبلَها كسرة أَو ياء ساكنة كقولِك : مررتُ بهِ ونزلت عليهِ. وقد يجوز الضَّمُّ مع الكسرة والياء ، وقد يجوز إشباعُ الكسرةِ والضَّمَّةِ ومطلها إلى أَنْ تحدثُ الواوُ والياءُ بعدهمَا نحو مررتُ بهِي وبهُو ، ونزلتُ عليهِي وعليهُو ، وهذا مشروح في أماكنه لكنَّ القولَ في كسر (فيه) الأولى وضم (فيه) الثانية.
والجواب : أَنَّهُ لو كسرهما جميعاً أَو ضمهما جميعاً لكان جميلاً حسناً
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٤٣ ـ ٤٦.
وأبو الفتح في تعليلاتِهِ هذه نظر إلى سيبويه في الكتاب : ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٨ وإلى آراء شيخِهِ أبي علي الفارسي في التكملة : ٣٦ وما بعدها.
(٢) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١٠٨ : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَ ى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).