مرفوعةٌ وكانتْ أقوى من تاء المذكر والمؤنث في نحو قمتَ وقمتِ ، فكانت لذلك أحق بذلك (١).
وليسَ الظرفُ هنا وَصفاً لمسجد ، بل هو على الاستئناف. والوقف عندنا على قولهِ : (أَحقّ أنْ تَقُوَم فيهِ) ثُمَّ استؤنفَ الكلامُ فَقيِلَ : (فِيهِ رِجَالٌ) وهذا أولَى من أَنْ يَحمِلَ الظرفُ وصفاً (لمسجد) لما فيه من الفصل بين النكرة وصفتها بالخبر الذي هو (أحقُّ) ولأِ نّك إذَا استأنفتَ صار هناك كلامان ، فكان أَفخر مِنْ الوصفِ مِنْ حيث كانتِ الصفة مع موصوفها كالجزء الواحد (٢).
وقرأ أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد : (فَذَلِك نُجْزيهُ) (٣) برفعِ الهاء والنون. قال أبو الفتح : أُقِرَّتِ الهاءُ على ضَمَّتِها وهو الأصل ، كما قرأَ أَهلُ الحجاز : (فَخَسَفْنَا بِهُو وَبِدَارِهُو الأَرْضَ) (٤) وزاد في حُسنِ الضمةِ هنا أَنَّ
__________________
(١) قال ابن يعيش في شرح المفصل : ٣ / ٨٦ : «إنَّما خُصَّت التاء هنا بالضَّمِّ دونَ غيرِهِ ، لأمرين :
أحدُهما : أَنَّ المتكلم أول قبل غيره فأعطي أولَ الحركات وهي الضَّمَّةُ.
والأمرُ الآخر : أَنَّهم أرادوا الفرقَ بين ضميري المتكلم والمخاطَبِ فنزل المتكلم منزلةَ الفاعلِ ونزلوا المخاطبَ منزلةَ المفعول به من حيث كان هذا مخاطِباً وذاك مُخاطَباً فضمّوا تاء المتكلم لتكون حركتُها مجانِسَةً لحركةِ الفاعلِ وفتحوا تاءَ المُخَاطَبِ لتكونَ حركتُها جِنسَ حركة المفعول» والذي أراه أنَّ هذه فرعيات والفرعيات لا تُعَلَّلُ.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٣.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأَنبياء : ٢١ / ٢٩ : (فَذَلِك نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِك نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
(٤) لم أجد هذه القراءة منسوبة لأحد ـ بحدود تتبّعي ـ وربما أَخذها ابن جني عن سيبويه الذي قال في الكتاب : ٢ / ٢٩٤ : «وأهل الحجاز يقولون : (فَخَسَفْنَا بِهُو وَبِدَارِ هُو الأرض)».