قال أبو الفتح : أَي : ولكن تصديقُ الذي بين يديه وتفصيلُ كلّ شيء وهدىً ورحمةٌ فحذف المبتدأ وبقي الخبرُ. ويجوز على هذا الرفع في قوله تعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُم وَلَكِن رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيِّينَ) (١) أَي : وَلَكِنْ هُوَ رسولُ اللهِ (٢).
وقرأَ جعفر بن محمّد (عليهما السلام) (٣) : (وَأَرسَلْنَاهُ إلى مئةِ أَلْف وَيزِيدونَ) (٤) هكذا هي ليس فيها (أو).
قال أَبو الفتح : في هذه الآية إِعراب حَسَنٌ ، وصنعةٌ صالحةٌ ، ذلك أَنْ يُقالَ : هل لِقولِهِ : (وَيَزَيِدونَ) موضعٌ من الإعراب ، أَو هو مرفوع اللفظ لوقوعِهِ موقِعَ الاسم حسب ، كقولك مبتدئاً : يزيدون؟ والجواب إِنَّ له موضعاً من الإعراب ، وهو الرفعُ لأَ نَّهُ خبرُ مبتدأ محذوف ، أَي : وَهُم يزيدونَ على المئةِ. والواو لعطف جملة على جملة ، وهو قولك : مررتُ برجل مثلِ الأسدِ ، وهو واللهِ أشجعُ. ولقيتُ رجلاً جواداً ، وهو واللهِ فوقَ الجودِ.
وَكَذلِك قراءة الجماعة : (أَوْ يَزيدونَ) (٥) وَتقديره : أو هم يزيدون فحذف المبتدأ بدلالة الموضع عليه كما مضى مع الواو.
__________________
(١) سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٤٠. وهذه قراءة زيد بن علي (عليهما السلام) وابن أبي عبلة كما في البحر المحيط : ٧ / ٢٣٦.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٥٠.
(٣) انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٧٦. وهو ينسبها إلى الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام) أيضاً.
(٤) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) أي : ويزيدون ; لأ نّهم كانوا أكثر من مئة ألف وهم قوم يونس (عليه السلام). ولم تثبت القراءة المذكورة عن الإمام الصادق (عليه السلام). ينظر : الحاشية (٣) ص : ٤٢١ ، والحاشية (٢) ص : ٤٢٢ ـ ٤٢٧ ففيهما تفصيل واسع حول تلك القراءة.
(٥) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ).