وَقرأ مُجاهد : (زَيَّنَ للنَّاسِ حُبَّ الشَّهَوَاتِ) (١) بفتح الزاي والياءِ.
قالَ أَبو الفتح : فاعلُ هذا الفعل إبليس (٢) ودلَّ عليهِ ما يتردَّدَ في القرآن من ذكرِهِ. فهذا نحو قولِ اللهِ تعالى : (يَعِدُهُم ويُمَنِّيهم) (٣) وما جرى هذا المجرى (٤).
وَقَرَأَ الأعْمَش ، فيما رَواهُ القطعي ، عن أَبي زيد ، عن المفضل ، عن الأعمش : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا يُؤتِه مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ يُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (٥) بالياءِ فيهمَا.
قالَ أَبو الفتحِ : وجهُهُ على إضمار الفاعِلِ لِدَلالةِ الحالِ عليه ، أَي : يُؤتِهِ اللهُ ، يدلُّ على ذلك قراءَةِ الجماعة : (نؤْتِهِ مِنْهَا) بالنون.
وَحَديثُ إضمار الفاعلِ للدلالةِ عليهِ واسعٌ فاش عَنْهُم ، مِنْهُ حكايةُ الكتابِ أَنَّهم يقولونَ : إذا كان غداً فأتِني (٦) ، أَي : إذا كانَ ما نحنُ فيه من البلاءِ في غد فَأْتِني ، وَمِثْلُهُ حكايتُه أيضاً : مَنْ كَذِبَ كانَ شَرّاً لَهُ ، أَي كانَ الكذبُ
__________________
(١) من سورة آل عمران : ٣ / ١٤ : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وقراءة الجماعة (زُيِّنَ) على البناء للمفعول. انظر : البحر المحيط : ٢ / ٣٩٦.
(٢) هذا قول الحسن وهناك من يقول إنَّ الفاعلَ الله سبحانه وتعالى. البحر المحيط : ٢ / ٣٩٦.
(٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢٠ : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً).
(٤) المحتسب : ١ / ١٥٥.
(٥) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٤٥ : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).
(٦) الكتاب : ١ / ١١٤.