وانْفُعِلَ ـ وإنْ لَمْ يتعدَّ إلى مفعول بِه ـ فَإنَّهُ يَتعدَّى إلى حرف الجرِّ فيقام حرفُ الجرِّ مقامَ الفاعل (١) كقولهم سِيَر بزيد. وإن شِئْتَ أَضمرت المصدر (٢) لدلالةِ فعله عليه ، فكأ نَّه قال : لانخُسِفَ الانخساف بنا ، (فِينَا) على هذا منصوبة الموضع لقيام غيرِهَا وهو المصدرُ مقامَ الفاعل ولا يكونُ للفعلِ الواحد فاعلانِ قائمانِ مقامَهُ إلاَّ على وجه الإشراك (٣).
٦ ـ البناء للمفعول
من صور بناء الفعل المتعدِّي لاثنين إلى المفعول
قالَ ابنُ مجاهد : حدَّثنا الطَّبري ، عن العبَّاس بن الوليد ، عن عبد الحميد ابن بَكَّار ، عن أيّوب ، عن يحيى ، عن ابنِ عامر : (وَحُمِّلَتِ الأَرضُ) (٤) مُشَدَّدَة الميم.
قال ابنُ مجاهد : وَمَا أَدْرِي ما هذا؟ قال أَبو الفتح : هذا الَّذي تبشَّعَ ابن مجاهد حَتَّى أَنْكَره من هذه القراءة صحيحٌ وواضحٌ ، وذلك أنَّه أسْنَدَ الفعلَ إلى المفعولِ الثاني حَتَّى كَأَ نَّهُ في الأَصلِ وَحَمَّلْنَا قُدْرَتَنَا أَو مَلَكاً مِنْ ملائكِتنَا
__________________
(١) ذهب ابنُ مالك في شرح التسهيل إلى أنَّ النَّائِبَ عن الفاعل مجموعُ الجارِّ والمجرورِ وذهب البصريون إلى أنَّ النائبَ عن الفاعل هو المجرورُ لا حرف الجرِّ ولا المجموع.
وقول البصريين أرجحُ عندي لأَنَّ الفعل المُتعدِّي يقعُ على المفعولِ به مباشرة واللاّزم يقع على المجرور بواسطة حرف الجرّ نحو قولك : جلست على الأرض ، فالأَرضُ وقعَ عليها الفعل بواسطةِ حرفِ الجرِّ. شرح التسهيل : ٧٧ وشرح الأشموني : ٢ / ٦٧.
(٢) أخذَ بهذا القولِ ابنُ دُرُستُويه والسُّهَيْلِي وتلميذُهُ الرَّندِي. شرح الأشموني : ٢ / ٦٧.
(٣) المحتسب : ٢ / ١٥٧.
(٤) من قوله تعالى من سورة الحاقة : ٦٩ / ١٤ : (وَحُمِلَتِ الاَْرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً).