سَأَ لتُمُوهُ أَن يُؤتِيَكُم مِنهُ وأَمَّا على قراءةِ الجَمَاعِةِ : (مِن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ) على الإضَافةِ فالمفعولُ محذوفٌ ، أي : وآتَاكُم سُؤلكُم مِن كُلّ شيء : أي وآتَاكُمْ مَا سَاغَ إيتاؤهُ إيَّاكُمْ إيَّاهُ مِنهُ. فَهُوَ كَقَولِهِ عَزَّوَجَلَّ : (وَأُوتِيَت مِن كُلّ شيء) (١) أي : أوتِيَتْ مِن كُلّ شَيء شَيئاً (٢) وَقَد سَبَقَ ذِكرُنَا حَذفُ المفعولِ بِهِ (٣) ، وَأَ نَّهُ مَعَ ذَلِك عَذْبٌ عَال فِي اللُّغَةِ (٤).
وَقَرأَ الحَسنُ : (أَن يُؤتِيَ أَحَدٌ مِثلَ مَا أُوتيِتُمْ) (٥).
قال أحمد بن صالح : كَذَا قالَ : قالَ ابنُ مجاهد : وَعَلى هَذَا يَنْبَغِي أن يَكُونَ أن يُوتِي أحداً.
قَالَ أَبو الفتح : لا وَجهَ لاِِنكَارِ ابنِ مجاهد رفعَ أَحد مع قولهِ (يُؤتيَ) مُسَمَّى الفاعل ، وذلك أَنَّ مَعنَاهُ أن يُؤتِيَ أَحدٌ أحداً (٦) مِثلَ ما أُوتِيتُم كَقَولِك : أَن يُحسِنَ أَحَدٌ مِثل مَا أُحسِنَ إِلَيكُم ، أي : أنْ يُحْسِنَ أَحَدٌ إلَى أحد مِثلَ مَا أُحسِنَ إلَيكُم فَتَحذِف المفعولَ وَيَكون معناهُ ومفادُهُ أَنَّ نِعمَةَ اللهِ سُبِحَانَهُ لا تُقَاسُ بِها نِعمَةٌ. وَهَذا مَعَ أَدنى تَأَمُّل واضحٌ (٧).
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٢٣ : (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ).
(٢) تنظر : ص : ٢٥٧.
(٣) تنظر : ص : ٢٥٥.
(٤) المحتسب : ١ / ٣٦٣.
(٥) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ٧٣ : (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآ جُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْ تِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
(٦) وكذلك قال في البحر المحيط : ٢ / ٤٩٧.
(٧) المحتسب : ١ / ١٦٣.