قال أبو الفتح : مَن قَرَأَ (١) : (تُنبِتُ بالدُّهْنِ) (٢) قَد حَذَفَ مَفعُولَها أيّ : تُنبِتُ مَا تُنبِتُهُ وَدُهُنها فِيها (٣). وَذَهَبُوا إلى قولِ زُهير :
...... |
|
...... حتَى إذا أَنبَتَ البَقْلُ (٤) |
إلى أَنَّهُ فِي مَعنَى تَنبَتَ وأَ نَّها لُغَةٌ (٥) : فَعَلْت وَأَفعلت ، وقد يجوز أَنْ يكونَ على هَذا أي : محذوف المفعول ، أي : حَتَّى إذا أَنبَتَ البَقلُ ثَمَرَهُ ، وَنَحنُ نَعلَمُ أَيضاً أَنَّ الدُّهْنَ لاَ يُنْبِتُ الشَّجَرةَ وإنَّما يُنبِتُها الماءُ ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِك أَيضاً قِرَاءَةُ عبد الله : (تَخرُجُ بالدُّهِنِ) أي : تَخرُجُ مِنَ الأرضِ وَدُهنُهَا فِيهَا.
فَأمَّا مَن ذَهَبَ إلى زِيَادَةِ الباءِ (٦) أي : تُنبِتُ الدُّهنَ فمضعوفُ المَذهَبِ ،
__________________
(١) هو الحسن البصري. اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٢.
(٢) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٠ : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْـنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغ لِّلآكِلِينَ).
(٣) وكذلك وَرد في مُشكِل إعراب القرآن : ٢ / ٤٩٩ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ١٤٨ والبحر المحيط : ٦ / ٤١٠.
(٤) البيت من قصيدة لزهير بن أبي سلمى المازني وهو بتمامه :
رَأيت ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيُوتِهِم |
|
قَطِيناً لَهُم حَتَّى إذا أَنبَتَ البَقلُ |
وَيُرْوَى نَبَتَ مَكانَ أَنبَتَ. يُريدُ أَنَّ النَّاسَ يُقِيمُونَ بَينَهُم زَمَنَ الجَدبِ حَتَّى يُخصِبوا.
الديوان : ١١١ والمحتسب : ٢ / ٨٩ والمغني : ١ / ١٠٢ ولسان العرب : ٢ / ٤٠١.
(٥) قال الفرّاء : «هما لغتان نَبَتَ وَأَنْبَتَ ... كَقَولِك مَطَرتِ السماءُ وَأمطَرِتْ» وفي اللسانَ : قيل : أنبَتَ لازِم كَنَبَتَ فَتَكُون الباءُ للحَالِ وَكَانَ الأَصمَعِيُّ يُنكِر ذَلِك وَيتَّهِم مَن رَوى في بيتِ زهير : (أَنبَتَ البقلُ). انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٢ ولسان العرب : ٢ / ٤٠١ والبحر المحيط : ٦ / ٤٠١.
(٦) مِمَّن قال بزيادة الباءِ ابنُ قتيبةَ ومكي بنُ أَبِي طالب والعُكبري وابنُ هشام وأَبو حيَّان.
انظر : تأويل مشكل القرآن : ٢٤٨ ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٩٩ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٤٨ والمغني : ١ / ١٠٢ والبحر المحيط : ٦ / ٤٠١.