النَّصْبُ فَعَلَى إضمَـارِ فعل لِمَعنَى المدحِ كأ نَّهُ قَالَ : أَعنِي أَو أَمدَحُ (التَّائِبِينَ العَابِديِنَ) كَمَا أَنَّك مَعَ الرفعِ أَضْمَرْتَ الرافِعَ لِمَعْنَى المدحِ (١).
وقَرَأَ مُعَاذٌ : (وتَصِفُ ألْسِنَتُهُم الكُذُبُ) (٢) بِضَمّ الكَافِ والذَّالِ والبَاءِ.
قَالَ أَبو الفتحِ : هُو وصْفُ الأَلسنةِ جمع كاذب أو كذوب. ومفعول تصف قوله تعالى : (أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى) (٣) وهو على قراءةِ الجماعةِ (الكَذِب) مَفْعولُ تَصِف ، و (أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى) بَدَلٌ مِنَ الكَذِبِ لاِ نَّهُ في المَعْنَى كَذِبٌ (٤).
وقَرَأَ الزُّهْرِي : (أُشْهِدُوا) (٥) بغير استفهام.
قال أَبو الفتح : أَمَّا حذف همزةِ الاستفهام تخفيفاً كَأَ نَّهُ قَالَ : أَشَهِدُوا خَلقَهُم؟ كَقِراءَةِ الجماعةِ فضعيف (٦) لاَِنَّ الحَذْفَ في هذا الحرف أَمرٌ مَوضِعِهُ الشعر ، ولَكِنْ طَرِيقُهُ غيرُ هَذَا. وهُو أَنْ يَكُونَ قَولُهُ : (أَشْهِدُوا خَلْقَهم) صفة لـ (إنَاث) حتّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وجَعَلوا المَلائِكةَ الّذِينَ هم عباد الرحمن إنَاثَاً مُشْهِداً خلقَهم هم.
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٢) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٦٢ : (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى).
(٣) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٦٢ : (وتَصِفُ ألْسِنَتُهُمُ الكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى).
(٤) المحتسب : ٢ / ١١.
(٥) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ١٩ (وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَ لُونَ).
(٦) قال الفرّاء : قرؤوا بغيَر همز يريدون الاستفهام. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٠ وفي البحر المحيط : ٨ / ١٠ : «المعنى على الاستفهام وحذفت الهمزة لدلالة المعنى عليها».