لاَ اليوم (١) وليس كَذَلِك هَذَا رجلُ عاقل لاَِنَّ الرَّجُلَ هُو العاقلُ في الحقيقة والشيء لا يضاف إلى نفسه ، فهذا فرق (٢).
التوكيد
قَرَأَ أَبو إياس جؤبَةُ بنُ عائذ : (بِمَا آتَيَتَهُنَّ كُلَّهُنَّ) (٣) بِنَصبِ اللاّم.
قال أَبو الفتح : نصبه على أَنّه توكيد لـ (هُنَّ) مِنْ قولهِ : (آتيتَهُنَّ) وهو راجعٌ إلى معنى قراءة العامّة : (كُلُّهُنَّ) بِضَمِّ اللاّم وذَلِكَ أَنَّ رضاهُنَّ كلّهنَّ بِمَا أُوتينَ كلُّهُنَّ عَلَى انفرادِهنَّ واجتماعهِنَّ ، فالمعنيانِ إذاً واحدٌ ، إلاّ أَنَّ الرَّفْعَ أَقوى مَعْنَى (٤) وذَلِك أَن فيهِ إِصراحاً مِنَ اللَّفْظِ بِأَنْ يَرضين كلّهن ، والإصراحُ في القراءة الشاذّة ـ أعني النصبَ ـ إنَّما هُو بإيتائِهِنَّ كُلّهن وإنْ كَانَ محصولُ الحَالِ فِيهَما مَعَ التَّأْويِل واحداً (٥).
__________________
(١) قال الفَرّاء : إنَّ العُصُوفَ وإنْ كانَ للرِيَح فَإنَّ اليومَ يوصفُ بهِ لأَنَّ الريحَ فيهِ تَكونُ ، فجازَ أنْ تقولَ يومٌ عاصفٌ كما تقولُ يَومٌ بَارِدٌ ، ويومٌ حَاَرٌّ. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٣.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٦٠.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥١ : (تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً).
(٤) قال الفرّاءُ : «(وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) رفعٌ لاَ غَيْرَ لاَِنَّ المَعْنَى وتَرْضَى كلُّ واحِدَة ولا يجوز أَنْ تَجْعَلَ (كُلُّهُنَّ) نعتاً للهاءِ فِي الإيتاء لاَِ نَّهُ لاَ مَعنىً لَهُ». وقَالَ العُكبَري : «الرَّفْعَ عَلَى توكيدِ الضميرِ فِي (وَيَرْضَيْنَ) والنَّصْبُ عَلَى توكيدِ المنصوب في (آتَيْتَهُنَّ)». وقَال ابنُ الأَنباري عن النصب في القراءة الشاذة : «وهو على خلاف ظاهر ما تعطيه الآية من المعنى». معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٤٦ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٩٤ والبيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ٢٧١.
(٥) المحتسب : ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣.