فيهِ.
وفي إقرارِ الحركةِ بحالِهَا مَعَ تَحْرِيكِ مَا بَعْدَهَا دلالةٌ عَلَى صِحَّةِ قولِ سيبويه بِإقرارِ الحركةِ التي يحرَّك بِهَا السُّاكِنُ عِنْدَ الحَذفِ إذَا رُدَّ إلى الكلمةِ مَا كانَ حُذِفَ مِنْهَا فِي نحو قَولِهِ فِي النسبِ إلى شَيه : شَويّ وهَذَا مشروح هُنَاكَ فِي مَوضِعِهِ. فَهَذَا وجهٌ ثان كَمَا تَراهُ فِي قولِهِ : (ثُمَّ يُدْرِكُهُ الموتُ) بِضَمّ الكافِ (١) ، فَاعِرفْهُ (٢).
وقَرأَ أبُو السَّـمّـالِ : (وَالسَّـمَـاءُ رَفَعَهَا) (٣) رفع.
قَالَ أبو الفتحِ : الرَّفْعُ هُنَا أَظهر (٤) من قراءةِ الجماعةِ ، وذَلِكَ أَنَّهُ صَرَفَهُ إلى الابتداءِ لاَِ نَّهُ عَطَفَهُ عَلَى الجملةِ الكَبِيرَةِ الَّتي هِيَ قولُهُ تَعَالَى : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (٥) فَكَمَا أَنَّ هذهِ الجملة مُرَكَّبَةٌ من مبتدأ وخبر فكذلك قوله تعالى : (وَالسَّـمَـاءُ رَفَعَهَا) جملةٌ مِنْ مبتدأ وخَبَر معطوفةٌ على قوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).
وأَمَّا قَراءَةُ العامّة بالنصبِ : (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا) فَإِنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى
__________________
(١) في هذا التخريجِ تَمَحُّلٌ والشَّوَاهِدُ الَّتي استشهدَ بها أبو الفتح لتعزيز الرأي الذي ذهبَ إليهِ واحدٌ منها لِزِياد الأعجم والآخران مجهولا القائل وكلُّهَا من الشِّعْر وللشِّعر ضَرُورَاتُهُ المعروفةُ وبعضُها لم يستشهدْ بها أحدٌ من النحاةِ غيرِهِ.
(٢) المحتسب : ١ / ١٩٥ ـ ١٩٧.
(٣) من قوله تعالى من سورة الرَّحمن : ٥٥ / ٧ : (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ).
(٤) قال العكبري : (النَّصبُ أَولَى مِنَ الرَّفعِ لاَِ نَّهُ معطوفٌ على اسم قَدْ عَمِلَ فيهِ الفعلُ وهو الضَّميرُ في يسجدانِ وهو معطوف على الاِنسانِ).
وقول أَبي الفتح أسَدْ لاَِنَّ العطفَ هُنَا عطفُ جُمَل ولَيْسَ عطفَ مفردات.
والعطفُ يَقتضِي التماثل في تركيبِ الجُمَلِ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٥٠.
(٥) سورة الرحمن : ٥٥ / ٦.