غيرَ شاذّة ـ واحتجُّوا بها ، وعقدوا على ما جاءَ بِها كثيراً من أحكامِهِم (١).
والقرّاء أهلُ تلقّ وعرض ، فهم أَدقُّ في نقلِهِم اللغة (٢) والفارقُ بينَ منهج اللغويين ومنهج القرّاءِ كبيرٌ ، فمنهجُ القراءِ أوثقُ وأصحُّ من الأقيسةِ والقواعدِ التي وضعها اللغويونَ والنحاةُ وأرادوا أَنْ تخضع لها كُلُّ النصوصِ العربيةِ (٣).
وعلى هذه السُّنَنِ مضى النحاةُ يختلفون في نظرتِهم إلى القراءاتِ والاحتجاج بها.
يقول سيبويه (ت / ١٨٠ هـ) : «إنَّ القراءة لا تخالف لأِ نَّها السنّةُ» (٤) ويقول الزجّاج : «القراءة بخلاف مافي المصحف لاتجوزلأنَّ المصحف مجمع عليه» (٥).
ويقول ابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) : «إنّي تدبّرت قراءات الأئمّة السَّبعة من أهل الأمصار الخمسة المعروفين بصحّة النقل وإتقان الحفظ ... فرأيت كلاًّ منهم قد ذهب في إعراب ما انفردَ بهِ من حرفهِ مذهباً من مذاهب العربية لا يُدفَعُ ، وقصد من القياس وجهاً لا يمنعُ» (٦).
ويقول ابن خالويه أيضاً : «القراءة سنّة يأخذُها آخر عن أوَّل ولا تُحمَلُ على قياسِ العربيةِ» (٧) ويقول ابن جنّي (ت / ٣٩٢ هـ) عن الشاذِّ من القراءاتِ : «والعلَّةُ أو كثيراً منه مساو في الفصاحةِ للمجمع عليه ... ولسنا نقول ذلك
__________________
(١) مدرسة الكوفة : ٣٨٩.
(٢ و ٣) اللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٦.
(٤) الكتاب ـ بولاق ـ : ١ / ٧٤ وطبعة هارون : ١ / ١٤٨ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٥٩.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٧٤.
(٦) الحُجَّة لابن خالويه : ٣٧ ـ ٣٨.
(٧) إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٢٤ و ٤٢ و ٥٤.