وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ .. رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٦ : ٢٨).
و (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) هي الربوبية الشاملة لكل خلق ولكل هدى ، فليس الخالق غير الهادي ـ لو كان ـ ربا ، وليس الهادي غير الخالق ـ لو كان ـ ربّا ، والرب هو الذي يجمع بينهما بصورة شاملة كاملة دون إبقاء.
ف «ربنا» هنا جواب عن (فَمَنْ رَبُّكُما) ثم «الذي ..» يتخطى فيه بربوبيته الى كل شيء ومنه فرعون وملأه ، وهذه بلاغة بارعة في الحوار ان يتبنى ما يبتني عليه الخصم دون زيادة ولا نقيصة ، فلما قالا (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) قدماه في صلته بالرب ، ثم لما قلب الأمر فحول إليهما : (فَمَنْ رَبُّكُما) تحوّلا قائلين «ربنا» ولكنه في مواصفة تعرف به انه رب كلّ شيء ومنه فرعون وملأه.
وترى «خلقه» مصدر؟ وهو فعل الرب ، لا يعطيه لاي شيء حتى أفضل الكائنات! ام هو المخلوق؟ وكيف يعطى مخلوق لمخلوق!.
انه اسم المصدر ، وإعطاء الخلق لكل شيء هو إيجاده عطية منه ربانية ، وحاصل الإيجاد هو الوجود ، وحاصل الخلق هو المخلوق ، فالوجود المخلوق هو المعني من «خلقه».
وترى ما هو الشيء الذي يعطى خلقه ، فان كانت العطية قبل وجوده فليس شيئا حتى يعطى خلقه ، وان كان بعد وجوده فهو تحصيل للحاصل ، إذا فلا حاصل ل (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ)؟
الشيء هنا هو الكائن مستقلا ، واطلاق كلمة الشيء عليه باعتبار الأول دون الفعلية ، فمثله كمثل قوله (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ