أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا ٧٢ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) ٧٣.
(قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ. إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٦ : ٥١) ـ (قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ. وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ) (٧ : ١٢٦).
هنا نرى قمة الصمود على ضوء الايمان المحلّق على كل جنباتهم الحيوية ، فلا يؤثرون عليه امرا ، ولا يؤثّر فيهم دونه امر مهما كان إمرا.
ثم (إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) قد تلمح بأنهم كانوا من قبل موحدين ، ام انه انقلاب بحكم الفطرة والعقل والآية البينة ، ثم (وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) تصريحة انهم ما سحروا هناك مباراتا بل مجاراتا للطاغية اكراها منه عليه ، وعله بعد الانقلاب الاول لعصى موسى ثعبانا مبينا لدى فرعون ، وبعد ما وعظهم (فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى) ثم اكرههم فرعون على سحرهم وأن (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ..) فلذلك تادّبوا وتليّنوا مع موسى في المباراة.
ولذلك أصبحوا هنا (أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) صمودا وزمنا ، ومن صمودهم إحالتهم إيثار الطاغية (قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ) فطرية وعقلية وحسية وعلمية أما هيه وعلى (الَّذِي فَطَرَنا) ، أم قسما بالذي فطرنا ، وهما معا معنيّان ، وأنت كمثلنا مفطور له ، وقد فطرنا على فطرة التوحيد ، ففطر الخلق من ناحية ، وفطرة التوحيد المندغمة في الخلق من أخرى ، آيتان بينتان بجنب هذه الآية العظمى انه هو الله ربنا لا إله إلا هو (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) علينا كما تهددنا ف (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)