قضاء مقصورا بها ، محصورا فيها ، وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع قليل.
ف (مِنَ الْبَيِّناتِ) هنا تعم الأنفسية إضافة إلى الآفاقية ، ونفس قصة العصا بيّنات ، انقلابا ولقفا وعودة إلى سيرتها الأولى دون إعادة لما لقفت!.
وترى كيف (تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) وليست قضاءه الا فيها على من فيها ام لهم؟ علّها لأنها مفعول به ، وقضاء هذه الحياة الدنيا هي إزالتها ، فقصارى قضاءك هنا قضاءها ، حياتنا كما حياتك ، واما الحياة الاخرة وهي العليا فليس لك قضاءها ، فأنت تهددنا بقضاء هذه الحياة وهي الدنيا ، وشرعة الله تهددنا بالآخرة وهي الحياة العليا ، وأنت شر وادنى وأفنى (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
ثم و (ما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) قد تعني تعلمه وتعليمه وإعماله من قبل وفي هذه المباراة ، والتماس الغفر عن الخطايا ليس الا في المقصرة العامدة ، ام والمكره عليها فيما يمكن التخلص عنها كهذه التي ارتكبوها وارتبكوا فيها ، والآن هم يستغفرون الله عنها في ذلك الموقف الحاسم ، القاصم ظهر الطاغية ، الجاسم الباسم ظهر موسى والذين معه ، وهذه هي من قمم التوبة العليا ، انقلابا كليا الى الله سنادا الى آياته الباهرة وتبيينا لها بين الجموع المحتشدة الحاضرة ، ملتمسين من الله ان يفرغ عليهم صبرا امام الطاغية ، وان يتوفاهم مسلمين ، تخليصا لايمانهم عن هذه اليد الأثيمة اللئيمة ، مهما قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبوا في جذوع النخل ، ف (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) ـ (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى)!
انه «خير» في ذاته وصفاته وأفعاله «وأبقى» فيها ثوابا وعقابا ، وذلك رد على قولة الطاغية (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى).
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) ٧٤.