بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى)(١٢٣)
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ٩٩.
النبأ هو خبر ذو فائدة عظيمة ، و «من» هنا تبعّضها ، وطبعا بالبعض الأهم منها و «نقصّ» تبعيض ثان حيث القص هو تتبع الأثر وهي القصص الأخبار المتتبّعة ، وطبعا هي أهمها حيث لا يقص بمقصّ الوحي الأخير إلّا أهمها ، فقصص القرآن هي سلالة السلالات من انباء تاريخ الرسالات ، ما تتبناها ام ما تهدّمها ، وبهذه السلبية والايجابية يبنى صرح الإسلام الخالد اعتبارا بأنباء ما قد سلف ، وزيادة هي (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ليعتبر معتبر ويتبصر متبصر.
«كذلك» العظيم العظيم من قصص موسى (نَقُصُّ عَلَيْكَ) يا رسول الهدى (مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) من محاربي الرسالات ومحادّيها ، وليس فحسب ان القرآن يقص قصص الماضين كتاريخ من التواريخ بل (وَقَدْ آتَيْناكَ) في جمعية الصفات والرحمات (مِنْ لَدُنَّا) أهم مما مضى وأعظم منها «ذكرا» هو ام الذكر وإمام الذكر مهما شمل سائر الذكر فانه مهيمن على كل ذكر.
هذا ذكر لدني مهما كان كل ذكر يحمله كتابات الوحي من لدنه ، ولكنه درجات أعلاها ما يختص من بينها ب (قَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) فجمعية الصفات من ناحية و (مِنْ لَدُنَّا) من اخرى و «ذكرا» تنكيرا لبالغ عظم التعريف من ثالثة ، تجعل ذكر القرآن رأس الزاوية في الذكريات اللدنية.